للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الإضرار، وقد تَرَكَ قَصْدَ الإضْرار بما أَتَى به من الاِعْتِذار، والقَولُ مع العُذْرِ يَقومُ مَقامَ فِعْلِ القادر، بدليلِ إشْهادِ الشَّفيع على الطَّلَب بها.

ولا يَحتاجُ أنْ يقولَ: نَدِمْتُ؛ لأِنَّ الغَرَضَ أنْ يُظهِرَ رجوعَه عن المقام على (١) اليمين.

وحَكَى أبو الخَطَّاب عن القاضي: أنَّ فَيئةَ المعذور أنْ يقولَ: فِئْتُ إلَيكِ، وقاله الثَّورِيُّ وأبو عُبَيدٍ، واختاره الخِرَقيُّ وأبو بكرٍ والحُلْوانيُّ؛ لأِنَّ وَعْدَه بالفعل عند (٢) القُدرة عليه دليلٌ على تَرْكِ قَصْدِ الإضْرار.

(ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ؛ لَزِمَهُ ذَلِكَ، أَوْ يُطَلِّقُ)، صحَّحه ابنُ حَمْدانَ ونَصَرَه المؤلِّفُ؛ لأِنَّه أخَّرَ حقَّها لعجزه عنه، فإذا قَدَرَ عليه لَزِمَه أنْ يُوَفِّيَها إيَّاه؛ كالدَّين على المعْسِر إذا قَدَرَ عليه.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ)، وهو قَولُ الحَسَن، وعِكرمةَ، والأوزاعيِّ؛ لأِنَّه فاءَ مرَّةً، فلا يَلزَمُه أخرى؛ كالوطء.

والمذْهَبُ الأوَّلُ؛ لأِنَّ فَيئَتَه بالقَولِ لَيسَ عينَ (٣) حقِّها، وإنَّما هو وَعْدٌ بإيفاءِ حقِّها، فحقُّها الأصلي باقٍ، ولا مانِعَ مِنْ فِعْلِه، فلزمه (٤) كما لو لم يَفِئ بلسانه، فإنْ رَضِيَتْ بالمقام مع العاجز (٥) لم تُضرَبْ له مدَّةٌ في الأصحِّ.

وعُلِم منه: أنَّ مَنْ فاءَ بلسانه؛ فلا كفَّارة عليه، ولا حِنْثَ؛ لأِنَّه لم يَفعل


(١) في (ظ): عن.
(٢) في (م): عن.
(٣) في (م): غير.
(٤) في (م): فلزم.
(٥) في (م): العجز.