للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحلوفَ عليه، وإنَّما وَعَدَ بفعله (١)؛ كالمَدِين إذا أعْسَرَ.

(وَإِنْ كَانَ مُظَاهِرًا)؛ لم يَطأْ حتَّى يكفِّرَ، فإذا وَطِئَ صار مُظاهِرًا منها وزال حكمُ الإيلاء (٢)، (فَقَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي؛ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)؛ لأِنَّها مدَّةٌ قريبةٌ، فالظِّهارُ كالمرض عِنْدَ الخِرَقِيِّ، وكذا الاعتكافُ المنذور.

وذَكَرَ بعضُ أصحابنا: أنَّ المظاهِرَ (٣) لا يُمهَلُ، ويُؤمَرُ بالطَّلاق، فيُخرَّجُ من هذا: أنَّ كلَّ عُذْرٍ مِنْ فِعْلِه يَمنَعُ الوَطْءَ؛ لا يُمهل (٤) من أجله؛ لأِنَّ الاِمْتِناعَ بسببٍ منه، فلا يَسقُطُ حكمًا واجبًا.

وَوَجْهُ الأوَّل: أنَّه عاجِزٌ عن الوَطْءِ بأمْرٍ لا يُمكِنُه الخُروجُ منه، أشْبَهَ المريضَ.

فإنْ قال: أمْهِلونِي حتَّى أَطْلُبَ رَقَبةً، أوْ أُطْعِمَ، فإنْ عُلِمَ أنَّه قادِرٌ على التَّكفير في الحال؛ لم يُمهَلْ؛ لأِنَّه إنَّما يُمْهَلُ للحاجة، ولا حاجةَ هنا، وإنْ لم يُعلَمْ؛ أُمْهِلَ ما ذَكَرَه المؤلِّف.

ولا يُمْهَلُ لصَومِ شَهرَينِ مُتَتابِعَينِ؛ لأِنَّه كثيرٌ، وقِيلَ: بلى.

فإنْ وَطِئَها؛ فقد عَصَى، وانحلَّ (٥) إيلاؤه، ولها مَنْعُه.


(١) قوله: (بفعله) سقط من (م).
(٢) لعل هذه العبارة مقحمة، فقد ذكرها المغني ٧/ ٥٦٠، والشرح ٢٣/ ٢١٣ في مسألة أخرى، وهي: (من قال: إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي، فقال أحمد: لا يقربها حتى يكفر، وهذا نص في تحريمها قبل التكفير، وهو دليل على تحريم الوطء في المسألة التي قبلها بطريق التنبيه؛ لأن المطلقة ثلاثًا أعظم تحريمًا من المظاهر منها، فإذا وطِئ ههنا، فقد صار مظاهرًا من زوجته، وزال حكم الإيلاء).
(٣) في (م): المظاهرة.
(٤) قوله: (ويؤمر بالطلاق، فيخرج من هذا أنَّ كل عذر من فعله يمنع الوطء لا يمهل) سقط من (م).
(٥) في (م): ولا ينحل.