للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى، ولو كان واجبًا لَذَكَرَه؛ كالعتق والصِّيام.

والثَّانيةُ: بلى، اختارها في «التَّبصرة» و «الطَّريق الأقرب»؛ لأِنَّها كفَّارةٌ فيها عِتْقٌ وصَومٌ، فكان فيها إطعامٌ؛ ككفَّارة الظِّهار.

(وَالاِعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ فِي إِحْدَى (١) الرِّوَايَتَينِ)، وهي ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، وجزم به في «الوجيز»، وقدَّمه في «الرِّعاية» و «الفروع»؛ لأِنَّها تَجِبُ على وَجْه الطُّهْرة، فكان الاِعْتِبارُ بحالِ الوجوب؛ كالحدِّ، نَصَّ عليه (٢)، فإذا وَجَبَ وهو عبدٌ (٣)، فلم يُكفِّرْ حتَّى عَتَقَ؛ فعليه الصَّومُ، لا يُجزِئُه غَيرُه، وقاله الأثْرَمُ.

(فَإِذَا وَجَبَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَعْسَرَ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ إِلاَّ الْعِتْقُ)؛ لأِنَّه هو الذي وَجَبَ عليه، فلا يَخرُج عن العُهْدةِ إلاَّ به، (وَإِنْ وَجَبَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَأَيْسَرَ؛ لَمْ يَلْزَمْه الْعِتْقُ)؛ لأِنَّه غَيرُ ما وَجَبَ عليه، لا يُقالُ: الصَّومُ بَدَلٌ عن (٤) العتق، فإذا وَجَدَ مَنْ يُعتِقُه؛ وَجَبَ الاِنتقالُ إليه؛ كالمتَيَمِّم يَجِدُ الماءَ قبلَ الصَّلاة أوْ فيها؛ للفَرْقِ بَينَهما، فإنَّ الماء إذا وُجِدَ بعدَ التَّيمُّم؛ بَطَلَ، بخلافِ الصَّوم، فإنَّ العِتْقَ لو وُجِدَ بَعْدَ فِعْله؛ لم يَبطُلْ، (وَلَهُ الاِنْتِقَالُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ)؛ لأِنَّ العتقَ هو الأصلُ، فَوَجَبَ أنْ يُجزِئَه؛ كسائر الأصول.

(وَعَنْهُ فِي الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ: لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ)؛ بِناءً على (٥) قولنا: إنَّ الاعتبارَ بحالة الوجوب؛ لأِنَّه حَنِثَ، وهو عبدٌ، فلم يَكُنْ يُجزِئُه إلاَّ الصَّومُ، وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّه يُكفِّرُ كفَّارةَ عبدٍ (٦)، قال القاضي: وفيه نَظَرٌ،


(١) في (م): أحد.
(٢) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ١٨٨.
(٣) في (ظ): عبده.
(٤) قوله: (عن) سقط من (م).
(٥) زيد في (م): أن.
(٦) ينظر: المغني ٨/ ٣٩.