للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومُقتَضاهُ: أنَّه لا يَلزَمُه التَّكفيرُ بالمال، فإنْ كفَّر به؛ أجْزَأَه، ولأِنَّه حكمٌ تعلَّق بالعبد في رِقِّه، فلم يتغيَّرْ بحُريَّتِه؛ كالحدِّ.

وهذا على القَولِ الذي لا يُجوِّزُ للعبد التَّكفيرَ بالمال بإذْنِ سيِّدِه، وعلى الأخرى: هو كالحرِّ؛ لأِنَّ رِقَّه جَعَلَه كالمعْسِر، فإذا أتى بالعتق؛ وَجَبَ أنْ يُجزِئَه؛ كالحرِّ المعْسِر.

(وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الاِعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ)؛ لأنَّها (١) حقٌّ يَجِبُ في الذِّمَّة بِوُجودِ المال، فاعتُبِرتْ بأغْلَظِ الأحْوالِ كالحجِّ.

وجَوابُه: أنَّ الحجَّ عبادةُ العمر، وجميعُه وقت (٢) لها، فَمَتَى قَدَرَ عليه في جُزْءٍ مِنْ وَقْتِه؛ وَجَبَ، بخِلافِه هُنا.

(فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إِلَى حِينِ التَّكْفِيرِ؛ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ)؛ لأِنَّه هو الواجِبُ عليه، ولا يُجزِئُه غَيرُه؛ لأِنَّ فِعْلَه غَيرُ واجِبٍ عليه.

(فَإِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ، ثُمَّ أَيْسَرَ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الاِنْتِقَالُ عَنْهُ)، وقاله أكثرُ العلماء؛ لأِنَّه لم يَقدِرْ على العتق قَبْلَ تَلَبُّسه بالصِّيام، أشْبَهَ ما لو استمرَّ العَجْزُ إلى ما بعدَ الفَراغ، ولأِنَّه وَجَدَ المبدَلَ (٣) بعْدَ الشُّروع في البدل (٤)، فلم يَلزَمْهُ الاِنْتِقالُ إليه؛ كالمتمتِّع يَجِدُ الهَدْيَ بعدَ الشُّروع في صيام الأيَّام السَّبعة، ويُفارِقُ ما إذا وَجَدَ الماءَ في الصَّلاة، فإنَّ قضاءَها يسيرٌ، ورَوَى البَيهَقِيُّ من حديثِ أبي القاسِمِ البَغَوِيِّ، ثنا عليُّ بنُ الجَعْدِ، ثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ، عن ابنِ شِهابٍ، قال: «السُّنَّةُ فِيمَنْ صامَ من الشَّهْرَينِ ثُمَّ أيْسَرَ أنْ يَمْضِيَ» (٥).


(١) في (م): لأنه.
(٢) في (م): ووقت.
(٣) في (م): البدل.
(٤) في (م): المبدل.
(٥) أخرجه ابن الجعد (٢٧٨٦)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٥٢٧٥)، وإسناده صحيح.