للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعنه: يُجزِئُه في غيرِ كفَّارةِ قتلٍ عتقُ رقبةٍ، قِيلَ: كافِرةٍ، وقِيلَ: كتابيَّةٍ، وقِيلَ: ذِمِّيَّةٍ، وهو قَولُ عَطاءٍ، والثَّوريِّ؛ لأِنَّ اللهَ تعالى أطلق (١) الرَّقَبةَ في كفَّارة الظِّهار، فَوَجَبَ أنْ يُجزِئَ ما تَناوَلَه الإطلاقُ.

وجَوابُه: بأنَّ المطلَقَ يُحمَلُ على المقيَّد إذا اتَّحَدَ الحُكمُ، ولأِنَّ الإعتاقَ يتضمَّنُ تفريغَ العبد المسلِمَ لعبادةِ ربِّه وتكميلَ أحكامه، ومعونته (٢) للمسلمين، فناسَبَ ذلك إعْتاقَه في الكفَّارة؛ تحصيلاً لهذه المصالحِ.

وذَكَرَ أبو الخَطَّاب وجَمْعٌ: مَنْعَ حربيَّةٍ ومرتدَّةٍ اتِّفاقًا، قال في «الفروع»: ويتوجَّه في نَذْرِ عِتْقٍ مطلَقٍ روايةٌ مُخرَّجةٌ مِنْ فِعْلِ مَنذُورٍ في وَقْتِ نَهْيٍ، ومِنْ مَنْعِه زوجةً من حجَّةِ نَذْر؛ بِناءً على أنَّه لَيسَ كالواجِبِ بأصلِ الشَّرع.

(وَلَا تُجْزِئُهُ (٣) إِلاَّ رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا)؛ لأِنَّ المقصودَ تمليكُ العبد منفعتَه، وتمكُّنُه من التَّصرُّف، ولا يَحصُلُ هذا مع ما يَضُرُّ بالعمل ضَرَرًا بَيِّنًا، (كَالْعَمَى)؛ لأِنَّه لا يُمكنُه العَمَلُ في أكثرِ الصَّنائع؛ لِفَقْده البَصَرَ الذي يَهتَدِي به إلى العمل، (وَشَلَلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، أَوْ قَطْعِهِمَا)؛ لأِنَّ اليَدَ آلةُ البطشِ، والرِّجلَ آلةُ المشْيِ، فلا يتهيأ كثيرٌ من العمل مع حصول ذلك.

وكذا لا يُجزِئُ مُقعَدٌ، ومجنونٌ مُطبِقٌ؛ لأِنَّه وُجِدَ فيه المَعْنَيان؛ منفعةُ الحِسِّ، وحصولُ الضَّرر، ولأِنَّه إذا لم يستقلَّ بكفايةِ نفسه (٤) يكون كلًّا على غيره.


(١) زيد في (م): في.
(٢) في (ظ): ومعونة.
(٣) في (م): ولا يجزئه.
(٤) قوله: (بكفاية نفسه) في (م): بكفايته.