للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ، أَوْ عَشَّاهُمْ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ) مُطْلَقًا في ظاهر المذهب؛ لأِنَّ المنقولَ عن الصَّحابة إعْطاؤهم، ولحديث كعبٍ في فِدْيةِ الأذى (١)، ولأِنَّه مالٌ وَجَبَ للفقراء شرعًا، أشْبَهَ الزَّكاةَ.

(وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ (٢)، أمَّا أوَّلاً؛ فلأِنَّ المقصودَ دَفْعُ حاجَةِ المساكين، وهو يَحصُلُ بدَفْع القيمة، وأمَّا ثانيًا؛ فالإجْزاءُ مَشْروطٌ بإذا (٣) أطْعَمَهم القَدْرَ الواجِبَ لهم.

ولم يَقُل الشَّيخُ تقيُّ الدِّين بالواجب (٤)، وهو ظاهِرُ نقْلِ أبي داودَ وغَيرِه، فإنَّه قال: أشْبِعْهم، قال: ما أُطْعِمُهم؛ قال: خُبْزًا ولَحْمًا إنْ قَدَرْتَ، أوْ مِنْ أوْسَطِ طعامِكم (٥)، وأَطْعَمَ أنسٌ في فِدْيةِ الصيام (٦)، قال أحمدُ: أطْعَمَ شيئًا كثيرًا (٧).

فعلى المذهب: لو قدَّمَ إليهم مُدًّا، وقال (٨): هذا بَينَكم فقَبِلوه، فإنْ قال


(١) أخرجه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١)، من حديث كعب بن عجرة .
(٢) في (م): يجزئ.
(٣) في (م): فإذا.
(٤) ينظر: الفروع ٩/ ٢٠٠.
(٥) ينظر: مسائل أبي داود ص ١٣٥.
(٦) في (م): الطعام.
أثر أنس : علقه البخاري بصيغة الجزم (٦/ ٢٥)، ووصله ابن أبي شيبة (١٢٢١٧)، عن ابن سيرين: «أن أنسًا مرض قبل أن يموت، فلم يستطع أن يصوم، فكان يجمع ثلاثين مسكينًا، فيطعمهم خبزًا ولحمًا أكلة واحدة». وأخرج عبد بن حميد كما في فتح الباري (٨/ ١٨٠)، عن النضر بن أنس، عن أنس : «أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر فأطعم مسكينا كل يوم»، وأخرجه أبو المعالي الفراوي كما في جزئه السباعيات (ص ١١٤)، وذكره في الفتح أيضًا، عن حميد عن أنس نحوه.
(٧) ينظر: المغني ٨/ ٣٢.
(٨) في (م): فقال.