للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجَوابُه: «امْكُثِي في بَيتكِ»، واللَّفْظُ الآخَرُ قضيَّةٌ في عَينٍ، ولا عُمومَ لها، ولا يُمكِنُ حَمْلُه على العموم، فإنَّه قد يأتيها الخبرُ وهي في السُّوق، والطَّريق، والبَرِّيَّة، ولا يَلزَمُها الاعتداد فيه (١)، قال أحمدُ في روايةِ ابنِ هانِئٍ: وسُئِلَ عن امرأةٍ ماتَ زَوجُها وهي مريضةٌ، أتَحوَّلُ إلى بَيتِ أمِّها؟ قال: لا يَجُوزُ (٢).

(إِلاَّ أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إِلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ؛ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا)، أوْ لم تَجِدْ ما تَكتَرِي به إلاَّ مِنْ مالها، أوْ طَلَبَ به أكثرَ من أُجْرةِ مِثْلِه، ذَكَرَه في «المغْنِي»، (فَتَنْتَقِلُ)؛ لأِنَّها حالةُ عُذْرٍ.

فإنْ تعذَّرت (٣) السُّكْنَى؛ سَكَنَتْ حَيثُ شاءَت، اخْتارَه القاضي والمؤلِّفُ.

وذَكَرَ أبو الخَطَّاب: أنَّها تَنتَقِلُ إلى أقْرَبِ ما يُمكِنُها النُّقْلةُ إليه، وقَطَعَ به في «المحرر» (٤)، و «المستوعب»، و «الوجيز»، وقدَّمه في «الفروع»؛ كنَقْل الزَّكاة في مَوضِعٍ لا يَجِدُ فيه أهْلَ السُّهْمانِ.

وجَوابُه: أنَّ الواجِبَ سَقَطَ؛ كما لو سَقَطَ الحجُّ للعجز عنه، ويُفارِقُ أهلَ السُّهْمانِ، فإنَّ القَصْدَ نَفْعُ الأقْرَبِ.

فلو اتَّفَقَ (٥) الوارِثُ والمرأةُ على نَقْلِها؛ لم يَجُزْ؛ لأِنَّ السُّكْنَى هنا حقٌّ لله تعالى، بخِلافِ سُكْنَى النِّكاح، لكِنْ لهم نَقْلُها لِطُولِ لِسانها، وأذاهم بالسَّبِّ ونحوِه، وهو قَولُ الأكْثَرِ؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ … ﴾ الآيةَ [الطّلَاق: ١]، وهو اسْمٌ للزِّنى وغيرِه من الأقْوال الفاحِشةِ.


(١) قوله: (فيه) سقط من (ظ).
(٢) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ٢٤٢.
(٣) في (م): تعذر.
(٤) في (م): «المجرد».
(٥) في (ظ): أنفق.