للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ، فَامْتَصَّ ثُمَّ تَرَكَهُ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ؛ فَهِيَ رَضْعَةٌ)، كذا قاله (١) أبو بكرٍ في حَدِّ الرَّضْعة، وقدَّمه في «الفروع» وغيره؛ لأِنَّ المَرجِعَ فيها إلى العُرف؛ لأِنَّ الشَّرعَ ورَدَ بها مُطلَقًا، ولم يحدها (٢) بزمنٍ ولا مِقْدارٍ، فدلَّ على أنَّه ردَّهم إلى العُرْف، فإذا ارْتَضَعَ ثُمَّ قَطَعَ باخْتِياره، أوْ قُطِعَ عليه؛ فهي رَضْعةٌ.

(فَمَتَى (٣) عَادَ؛ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى)؛ لأِنَّ العَودَ ارْتِضاعٌ، فكان رَضْعةً أخرى؛ كالأُولَى، (بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ)، إذ العِبْرةُ بتَعْدادِ الرَّضَعات، وذلك مَوجودٌ فيهما، ولأِنَّ الشَّرعَ وَرَدَ بالرَّضْعة، ولم يَحُدَّها بزمانٍ، فوجَبَ أنْ يكونَ القريبُ كالبعيد.

(وَسوَاَءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيهِ)؛ لأِنَّ الفَصلَ مَوجُودٌ في الكلِّ، (أَوْ لاِنْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا)، اخْتارَه أبو بكرٍ، وهو ظاهِرُ كلامِه في روايةِ حنبلٍ (٤)، فإنَّه قال: أمَا تَرَى الصَّبيَّ يَرضَعُ من الثَّدْي، فإذا أدْرَكَه النَّفَسُ أمْسَكَ عن الثَّدْيِ لِيَتَنَفَّسَ ويَسْتَرِيحَ، فإذا فَعَلَ ذلك فهِيَ رَضْعةٌ، ولأِنَّ اليسيرَ من السَّعوط والوَجُور رَضْعةٌ، فكذا هُنَا.

(وَقَالَ ابْنُ حَامِدٌ: إِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ؛ فَهُمَا رَضْعَةٌ)؛ لأِنَّ القَطْعَ لا يُنسَبُ إليه، فلا (٥) يُحتَسَبُ عليه، (إِلاَّ أَنْ يَطُولَ (٦) الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا)، فيكونان رضْعَتَينِ؛ لأِنَّ جَعْلَهما رَضْعةً يُلْغِي (٧) الزَّمانَ مع طُوله، أو انتقاله (٨) من امرأةٍ


(١) في (م): قال.
(٢) في (م): ولم يجدها.
(٣) في (م): ومتى.
(٤) ينظر: الشرح الكبير ٢٤/ ٢٣٥.
(٥) في (م): ولا.
(٦) في (م): يكون.
(٧) في (م): يكفي.
(٨) في (م): وانتقاله.