للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمذْهَبُ: لا يَجِبُ الحَبُّ، فلو تَراضَيَا مَكانَ الخبز على حَبٍّ أوْ دقيقٍ؛ جازَ؛ لأِنَّه لَيسَ بمُعاوَضةٍ حقيقةً؛ لأنَّ (١) الشَّارِعَ لم يُعيِّن الواجِبَ بأكثرَ من الكفاية، فبأيِّ شَيءٍ حَصَلَتْ كان هو الواجب.

(فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهِ؛ رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ) أوْ نائبِه؛ لأِنَّه أمرٌ يَختلِفُ باختلاف حال الزَّوجَينِ؛ فرُجِعَ فيه إلى اجْتِهاد الحاكِمِ أوْ نائبه؛ كسائر المخْتَلِفات، ولأِنَّه وُضِعَ لقطع (٢) النِّزاع.

(فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ الْمُوسِرِ قَدْرَ كِفَايَتِهَا، مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ) الخاصِّ، (وَأُدْمِهِ) المعتادِ لِمِثْلِها، (الذِي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ)؛ لأِنَّه جَعَلَ ذلك بالمعروف، ولَيسَ من المعروف (٣) إطْعامُ الموسِرة خُبْزَ المعْسِرة، ولأِنَّ الله تعالى فرَّقَ بَينَ الموسِر والمعْسِر في الإنفاق، ولم يُبَيِّنْ ما فيه التَّفريقُ، فَوَجَبَ الرُّجوعُ إلى العُرْف، وأهْلُ العُرْف يتعارَفونَ فيما بَينَهم: أنَّ جِنْسَ نفقةِ المُوسِرِينَ أعْلَى مِنْ جِنْسِ نفقةِ المعْسِرِينَ، ويَعُدُّونَ المنْفِقَ من المُوسِرِينَ مِنْ جِنْسِ نفقةِ المعْسِرينَ بخيلاً، ولأِنَّ النَّفقةَ مِنْ مُؤنَة الزَّوجة على الدوام، فاختلَف جِنسُ اليَسَار والإعْسَار؛ كالكُسْوة، فلو تبرَّمَتْ من أُدْمٍ نَقَلَها إلى غَيرِه.

وظاهِرُ كلامِهم: أنَّه يَفرِضُ لحمًا عادة (٤) المُوسِرِينَ بذلك الموضِع.

وقدَّم في «الرِّعاية»: كلَّ جمعةٍ مرَّتَينِ.

قال في «الفروع»: ويتوجَّهُ العادةُ، لكِن يُخالِفُ في إدْمانه، ولعلَّ هذا مُرادُهم.


(١) في (م): فإن.
(٢) في (م): لحفظ.
(٣) في (م): بالمعروف.
(٤) قوله: (لحماً عادة) في (م): لجماعة.