للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن استَوَوْا فيها فقال: (ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ)؛ لما روى ابن عبَّاس: أنَّ النَّبيَّ قال: «ليؤذِّنْ لكم خيارُكم، وليؤمَّكم قرَّاؤُكم» رواه أبو داود وغيره (١)، ولأنَّه إذا قُدِّم بالأفضلية في الصَّوت؛ ففي الأفضلية في (٢) ذلك بطريق الأَوْلى، ولأنَّ مراعاتهما أولى من مراعاة الصَّوت؛ لأنَّ الضَّرر بفَقدهما أشدُّ.

(ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ)، كذا في «الفروع» و «الشَّرح»؛ لأنَّ الأذان لإعلامهم، فكان لرضاهم أثر في التقديم، ولأنَّهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعفُّ عن النَّظر، وحكم أكثرهم كالكلِّ، وذكر في «الكافي» هذا روايةً.

(فَإِنِ اسْتَوَيَا (٣) أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا)؛ لقول رسول الله : «لو يعلمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأوَّل، ثمَّ لم يجدوا إلَّا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا» متفق عليه (٤)، وتَشاحَّ الناسُ في الأذان يوم القادسية، فأقرع بينهم سعد (٥)؛ لأنَّها


(١) أخرجه أبو داود (٥٩٠)، وابن ماجه (٧٢٦)، وفي سنده الحسين بن عيسى الحنفي، وهو ضعيف وحديثه منكر، قاله البخاري. ينظر: تهذيب الكمال ٦/ ٤٦٣.
(٢) في (أ): من.
(٣) في (أ): استووا.
(٤) أخرجه البخاري (٦١٥)، ومسلم (٤٣٧) من حديث أبي هريرة .
(٥) أخرجه عبد الله بن أحمد وإسماعيل بن سعيد عن أحمد، كما في فتح الباري لابن رجب (٥/ ٢٧٦ - ٢٧٧)، وسعيد بن منصور كما في الفتح لابن حجر (٢/ ٩٦)، والبيهقي في الكبرى (٢٠١٣)، من طرق عن هشيم، ثنا ابن شبرمة. وعلقه البخاري بصيغة التمريض (١/ ١٢٦)، قال الحافظ في تغليق التعليق ٢/ ٢٦٦: (وهذا منقطع، ولذلك مرَّضه)، وبنحوه قال ابن رجب، وذلك أن ابن شبرمة لم يدرك القادسية.
قال الحافظ في الفتح: (وقد وصله سيف بن عمر في الفتوح، والطبري من طريقه)، ذكره الطبري في تاريخه (٣/ ٥٦٦)، عن سيف، عن شبرمة، عن شقيق. قال الذهبي في المغني ١/ ٢٩٢، عن سيف: (متروك باتفاق).
وقد احتج به الإمام أحمد في رواية أبي داود وعبد الله وإسماعيل بن سعيد وأبي طالب، وعمل بمقتضاه. ينظر: مسائل أبي داود ص ٤٣، الطرق الحكمية ص ٢٧١، فتح الباري لابن رجب ٥/ ٢٧٦.