للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مُعسِرًا، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، واختاره أبو الخَطَّابِ، وقدَّمه في «المحرَّر» و «الفروع»؛ لحديثِ عمرَ: «أنَّه كَتَبَ في رجالٍ غابُوا عَنْ نِسائِهم، فأَمَرَهُم أن يُنفِقُوا، أوْ يُطلِّقُوا» (١)، وهذا إجْبارٌ على الطَّلاق عِنْدَ الاِمْتِناع مِنْ الإنفاق؛ لأِنَّ الإنفاقَ عَلَيها مِنْ مالِه مُتعذِّرٌ، فكان لها الخِيارُ؛ كحالِ الإعْسارِ، بل هذا أَوْلَى بالفَسْخ، فإنَّه إذا جاز الفَسْخ على المَعْذُور؛ فغَيرُه أَوْلَى.

(وَقَالَ الْقَاضِي)، واخْتَارَه الأكْثَرُ، قاله في «التَّرغيب»: (لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ)؛ أيْ: لا تَملِكُ (٢) الفَسْخَ؛ لأِنَّ الفَسْخَ لعيب (٣) المعْسِرِ، ولم يُوجَدْ هُنا، ولأِنَّ المُوسِرَ في مَظِنَّةِ الأخْذِ مِنْ مالِه، ولأِنَّ الحاضِرَ قد يُنْفِقُ لِطُولِ الحَبْس.

(وَإِنْ غَابَ مُوسِرٌ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ (٤)، وَلَا الاِسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ؛ فَلَهَا الْفَسْخُ)؛ لأِنَّها لا (٥) تَقدِرُ على الوُصولِ إلى (٦) نَفَقَتِها، أشْبَهَ ما لو ثبت (٧) إعْسارُه.

وظاهِرُه: أنَّه إذا تَرَكَ لها نَفَقةً، أوْ قَدَرَتْ على مالٍ (٨) له، أوْ على الاِسْتِدانة عليه؛ أنَّه لا فَسْخَ لها؛ لأِنَّ الإنفاقَ علَيها مِنْ جِهَتِه غَيرُ مُتعذِّرٍ.

(إِلاَّ عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ (٩) إِعْسَارُهُ)؛ لأِنَّ الفَسْخَ ثَبَتَ لِعَيْبِ الإعْسارِ، ولم يَثبُت الإعْسارُ هُنا، وهذه مِثْلُ الأُولَى في الفَسْخِ، بلْ أَوْلَى؛


(١) تقدم تخريجه ٨/ ٦٩٥ حاشية (٦).
(٢) في (ظ): يملك.
(٣) في (م): بعيب.
(٤) في (ظ): ولم تقدر له على مال له.
(٥) في (م): قد.
(٦) في (م): على.
(٧) في (م): ثبتت.
(٨) قوله: (مال) سقط من (م).
(٩) قوله: (لم يثبت) في (م): ثبت.