للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبا محذورة بذكر الشَّهادتين سرًّا؛ ليحصل له (١) الإخلاص بهما؛ فإنَّه (٢) في الإسرار أبلغ، وخصَّ أبا محذورة بذلك؛ لأنَّه لم يكن مُقِرًّا بهما حينئذٍ؛ فإنَّ (٣) في الخبر: أنَّه كان مستهزئًا يحكي أذان مؤذِّن النَّبيِّ ، فسمعه، فدعاه فأمره بالأذان (٤)، وقصد نطقه بهما ليُسلم بذلك، وهذا لا يوجد في غيره، بدليل أنَّه لم يأمر به بلالاً ولا غيره ممَّن هو ثابتُ الإسلام).

ويعضُده: أنَّ خبر أبي محذورة متروكٌ بالإجماع؛ لعدم عمل ش (٥) به في الإقامة، هـ (٦) في الأذان.

وعنه: هما سواءٌ، وقاله إسحاق؛ لصحَّة الرِّواية بهما.

وأمَّا تثنية (٧) الإقامة فهي كالأذان؛ لأنَّ في حديث عبد الله بن زيد: «أنَّه أقام مثل أذانه» رواه أبو داود (٨)،


(١) قوله: (له) سقط من (و).
(٢) في (أ): لأنه.
(٣) زيد في (و): له.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١٧٧٩)، ومن طريقه أحمد (١٥٣٧٦)، وأبو داود (٥٠١)، والطبراني (٦٧٣٤)، والدارقطني (٩٠٤)، ولفظه عندهم عدا أبا داود: «خرجت في عشرة فتيان مع النبي إلى حُنين وهو أبغض الناس إلينا، فأذنوا وقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال النبي : «ائتوني بهؤلاء الفتيان؟» فقال: «أَذِّنوا»، فأذنوا وكنت آخرهم، فقال النبي : «نعم، هذا الذي سمعت صوته، اذهب فأذِّن لأهل مكة» الحديث، وفي سنده: عثمان بن السائب، ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال ابن القطان: (لا يعرف)، وقال ابن حجر: (مقبول)، وهو يروي عن أبيه السائب مولى أبي محذورة، قال ابن حجر عنه في التقريب: (مقبول)، ويرويه أيضًا عن أم عبد الملك بن أبي محذورة، وهي كذلك غير معلومة الحال، ولكن أصل الحديث ثابت من وجوهٍ أخرى. ينظر: تهذيب التهذيب ٧/ ١١٧، صحيح أبي داود ٢/ ٤١٣.
(٥) ينظر: الحاوي ٢/ ٤٠، المهذب ١/ ١١.
(٦) ينظر: المبسوط ١/ ١٢٨، بدائع الصنائع ١/ ١٤٧.
(٧) في (و): بقية.
(٨) أخرجه أحمد (٢٢٠٢٧)، وأبو داود (٥٠٦، ٥٠٧)، والدارقطني (٩٣٦)، من طرق عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل ، وفيه: «فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعدة، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة»، ولفظ أحمد: «فأذن مثنى مثنى، ثم جلس، ثم أقام، فقال: مثنى مثنى»، ووقع اختلاف في طرق هذا الحديث، فرُوي بهذا الوجه، وروي من طريق ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد، كما عند الترمذي (١٩٤)، ومن أوجهٍ أخرى ساقها ابن خزيمة وحكم عليها بالاضطراب (٣٨٠، ٣٨١، ٣٨٢)، وأعله الترمذي وابن خزيمة والبيهقي بالانقطاع؛ لأن ابن أبي ليلى لم يدرك عبد الله بن زيد، ولا معاذًا، وكذا قال الدارقطني، ورجح إرساله. ينظر: السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٦١٨، التلخيص الحبير ٢/ ٤١.