للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثَّاني، وهو الأَشْهَرُ: فِيهِ القِصاصُ، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ؛ لأِنَّ المحدَّد (١) لا يُعتَبَرُ فيه غَلَبةُ الظَّنِّ في حُصولِ القَتْل به، بدليلِ ما لو قَطَعَ شَحْمَةَ أُذنِه أوْ أَنْمَلَتَه، ولأِنَّه لمَّا لم يمكن (٢) إدارةُ الحُكْمِ وضَبْطُهُ بغَلَبةِ الظَّنِّ؛ وَجَبَ رَبْطُه بكَونِه محددًا (٣)، ولأِنَّ في البَدَن مَقاتِلَ خَفِيَّةً، وهذا له سِرايَةٌ ومَورٌ، أشْبَهَ الجُرْحَ الكبير.

(وَإِنْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنًا)؛ أيْ: مُتأَلِّمًا، وهُو بفَتْح الضَّاد وكَسْرِ الميم، وقال الجَوهَريُّ: هو الذي به الزَّمانَةُ في جَسَدِه (٤)، وقِيلَ: هو الذي لَزِمَه عِلَّةٌ، (حَتَّى مَاتَ)، فاتَّفَقُوا على أنَّ فِيهِ القَوَدَ، قالَهُ في «الشَّرح» و «التَّرغيب»؛ لأِنَّ الظَّاهِرَ أنَّه ماتَ منه.

وقِيلَ: لا يَجِبُ به (٥) القِصاصُ؛ لأِنَّه لَمَّا احْتَمَلَ حُصولَ الموت بغَيرِه ظاهِرًا؛ كان شبهةً (٦) في دَرْءِ القِصاصِ.

(أَوْ كَانَ الْغَرْزُ بِهَا فِي مَقْتَلٍ؛ كَالْفُؤَادِ، وَالْخُصْيَتَيْنِ)، والعَينِ، والخَاصِرة، والصُّدْغ، وأصْلِ الأُذن؛ (فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ)؛ لأِنَّ الإصابةَ بذلك في مَقتَلٍ؛ كالإصابة بالسِّكِّين في غَيرِ مَقتَلٍ، وكذا إنْ بالَغَ في إدْخالِ الإبْرة ونحوِها في البدن؛ لأِنَّه يَشتَدُّ أَلَمُه، ويُؤدِّي إلى القَتْلِ؛ كالكبير.

(وَإِنْ قَطَعَ سِلْعَةً) خَطِرَةً، أَوْ بَطَّها (مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَمَاتَ؛ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ)؛ لأِنَّه متعَدٍّ (٧) بفِعْلِه، أشْبَهَ ما لَوْ قَتَلَه.


(١) في (م): المجد.
(٢) في (م): لم يكن.
(٣) في (م): محدودًا.
(٤) ينظر: الصحاح ٦/ ٢١٥٥.
(٥) في (م): فيه.
(٦) في (م): أشبه.
(٧) في (م): متعذر.