للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وابنِ عبَّاسٍ مَعْناهُ (١)، ولم يُعرَفْ لهم في عَصْرهم مُخالِفٌ، فكان كالإجْماع، ولأِنَّها عقوبةٌ تَجِبُ للواحد على الواحد، فوَجَبَتْ على الجماعة؛ كحدِّ القَذْف.

والفَرْقُ بَينَ قَتْلِ الجماعة والدِّيَةِ: أنَّ الدَّمَ لا يَتَبعَّضُ، بخِلافِ الدِّيَة، وهذا إذا قُلْنا: إنَّ مُوجَبَ العَمْد أحدُ شَيئَينِ؛ القِصاص أو الدِّية (٢)، فمَتَى عَفَا عن القَوَدِ؛ تعيَّنَت الدِّيةُ، وإنْ قُلْنا: مُوجَبُه القَوَدُ فقطْ؛ فللأولياء أنْ يَعْفُوا على القليل (٣) والكثير مِنْ غَيرِ تقديرٍ.

(وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا جُرْحًا وَالآْخَرُ مِائَة) جُرْحٍ، أوْ أوْضَحَه (٤) أحدُهما وشجَّه (٥) الآخَرُ آمَّةً، أوْ أحدُهما جائفةً والآخَرُ غَيرَ جائفةٍ؛ (فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ)؛ لأِنَّ اعْتِبارَ التَّساوِي يُفْضِي إلى سُقوطِ القِصاص عن المشْتَرِكِينَ، إذْ لا يَكادُ جُرْحانِ يَتَساوَيانِ مِنْ كلِّ وَجْهٍ، ولو احْتَمَلَ التَّساوِيَ لم يَثبُت الحُكْمُ؛ لأِنَّ الشَّرْطَ يُعتَبَرُ العِلْمُ بوجوده، ولا يُكتَفَى باحْتِمالِ


(١) أخرج عبد الرزاق (١٨٠٨٢)، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «لو أن مائةً قتلوا رجلاً قتلوا به»، وإسناده واهٍ جدًّا فيه: إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك.
(٢) في (م): والدية.
(٣) في (م): عن القاتل.
(٤) في (م): وأوضحه.
(٥) في (ظ): أو شجه.