للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كسائرِ الحُقوق.

(وَالوَاجِبُ (١) بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ)، هذا قَولُ الجماعة؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]، أَوْجَبَ الاِتِّباعَ بمجرَّدِ العَفْوِ، ولو وَجَبَ بالعمد القصاصُ عَينًا؛ لم تَجِب الدِّيةُ عِنْدَ العَفْوِ المطلَقِ.

(وَالْخِيَرَةُ فِيهِ إِلَى الْوَلِيِّ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا إِلَى غَيْرِ شَيْءٍ)، وإنْ شاء قَتَلَ البعضَ إذا كان القاتِلونَ جماعةً، ولا يَسقُطُ القِصاصُ عن البعض بالعفو عن البعض.

فمَتَى اخْتار الأولياءُ الدِّيةَ من القاتل، أوْ مِنْ بعضِ القَتَلة؛ كان لهم ذلك مِنْ غَيرِ رِضَا الجاني؛ لقول ابنِ عبَّاسٍ: «كان في بني إسْرائيلَ القِصاصُ، ولم يكُنْ فيهم الدِّيةُ، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى … ﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]» رواه البخاريُّ (٢)، وعن أبي هُرَيرةَ مرفوعًا: «مَنْ قُتِلَ له قتيلٌ؛ فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ، إمَّا أنْ يُفْدَى وإمَّا أنْ يُقتَلَ» متَّفَقٌ عليه (٣)، وعن أبي شُرَيحٍ الخُزاعيِّ قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: «مَنْ أصيبَ بدَمٍ أوْ خَبْلٍ - والخَبْلُ: الجِراحُ (٤) فهُو بالخِيارِ بَينَ إحْدَى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يَقتَصَّ، أوْ يَأخُذَ العقل (٥)، أَوْ يعفو (٦)، فإنْ أراد رابعةً؛ فخُذُوا على يَدَيهِ»


(١) في (م): الواجب.
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٩٨).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥).
(٤) قال السندي في حاشيته على مسند أحمد ٢٦/ ٢٩٧: (الخَبْل، بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء: فساد الأعضاء).
(٥) قوله: (العقل) سقط من (م).
(٦) في (م): العفو.