للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنْ (١) عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ).

نقولُ: إذا جَنَى جِنايَةً تُوجِب (٢) قَوَدًا فيما دُونَ النَّفس؛ كالإصبع، فعُفِيَ عنها، ثُمَّ سَرَتِ إلى النَّفس؛ فلا قَوَدَ فيها، وقاله الأكثرُ؛ لأِنَّ القَوَدَ لا يَتبعَّضُ، وقد سَقَطَ في البعض، فسَقَطَ في الكلِّ.

وإنْ كانَتْ لا تُوجِبُ قَوَدًا؛ كالجائفة؛ وجَبَ القَوَدُ في النَّفس؛ لأِنَّه عَفَا عن القَوَد فيما لا قَودَ فيه، فلم يُؤثِّر عَفْوُه.

فإنْ كان عَفْوُه على مالٍ؛ فله الدِّيةُ كاملةً في المَوضِعَينِ؛ لأِنَّ كلَّ مَوضِعٍ تعذَّر فيه القِصاصُ؛ تعيَّنت الدِّيةُ.

وإن (٣) عَفَا على غَيرِ مالٍ؛ فلا شَيءَ له؛ لأِنَّ العَفْوَ حَصَلَ عن الإصبع، فَوَجَبَ أنْ يَحصُلَ عن الذي سَرَى إليه.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنَّ لَهُ تَمَامَ الدِّيَةِ)، وصحَّحه بعضُهم؛ لأِنَّ المجْنِيَّ عليه إنَّما عفا عن دية (٤) الإصبع، فَوَجَبَ أنْ يَثبُتَ له تمامُ الدِّية؛ ضرورةَ كَونِه غَيرَ مَعْفُوٍّ عنه.

فرعٌ: إذا عفا عن دِيَة الجُرْح؛ صحَّ عفوُه (٥)؛ لأِنَّ دِيَتَه تَجِبُ بالجناية، فعلى هذا: تَجِبُ ديةُ النَّفس، لا دِيَةُ الجرح (٦).

وقال القاضِي: ظاهِرُ كلامه (٧) أنَّه لا يَجِبُ شيءٌ؛ لأِنَّ القَطْعَ غَيرُ مَضمونٍ، فكذا سِرايَتُه.


(١) في (م): فإن.
(٢) في (م): فوجب.
(٣) في (م): فإن.
(٤) قوله: (دية) سقط من (م).
(٥) في (م): غيره.
(٦) قوله: (لأن ديته تجب بالجناية … ) إلى هنا سقط من (م).
(٧) في (م): كلام.