للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواجِبِ عليه من القَطْعِ، فلم يُعذَرْ في اسْتِيفاءِ الواجِبِ عليه، ولا يَصِحُّ القِياسُ على السَّارِقِ لوجوه (١)؛ لأِنَّ الحدَّ مَبنِيٌّ على الإسْقاط، ويَسارُه تُقطع (٢) إذا عُدِمَتْ يمينُه، ولو سَقَطَتْ يَدُه بآكِلةٍ، أوْ قصاص (٣)؛ سَقَطَ القَطْعُ، بخِلافِ القِصاص فإنَّه لا يَسقُطُ، (وَيُسْتَوْفَى مِنْ يَمِينِهِ (٤)؛ لأِنَّ قَطْعَ اليَسَار كَلَا قَطْعٍ، فيُوجِبُ ذلك قَطْعَ اليمين ضرورةَ استيفاء (٥) الواجِبِ عليه.

وذلك مشروطٌ: (بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ)؛ لأِنَّه لو قطعها (٦) قَبْلَ ذلك؛ أدَّى إلى هَلاكه، وهو منفيٌّ شرعًا، بخِلافِ ما إذا قَطَعَ يمينَ رجلٍ ويسارَ آخَرَ، فإنَّه لا يُؤخَّرُ أحدُهما إلى انِدِمالِ الآخَرِ؛ لأِنَّ القَطْعَينِ مُستحَقان (٧) قصاصًا، فلهذا جُمِعَ بَينَهما، وفي هذه أحدُهما غَيرُ مُستَحَقٍّ.

تَتِمَّةٌ: فإنْ أخْرَجَها عمدًا عالِمًا أنَّها يَسَارُه، وأنَّها لا تُجزِئُ؛ فَهَدرٌ، ويُفارِقُ هذا: ما إذا قَطَعَ يَدَ إنْسانٍ وهو ساكِتٌ؛ لأِنَّه لم يُوجَدْ منه البَدَلُ، فإنْ سَرَى قَطْعُ يَسارِه إلى نَفْسِه؛ فَهَدرٌ، ويَجِبُ في تَرِكته دِيَةُ اليُمْنَى؛ لِتعذُّرِ الاِسْتِيفاء.

(وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ؛ فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا) إنْ عَلِمَ أنَّها يسارٌ، وأنَّها لا تُجزِئُ، ويُعزَّرُ، وعليه الضَّمانُ بالدِّية؛ لأِنَّه لو كان عالِمًا بها كانت مضمونةً عليه، وما وَجَبَ ضَمانُه في العمد وَجَبَ في الخطأ؛ كإتْلافِ المال، والقِصاصُ باقٍ في اليَمِين، ولا يَقتَصُّ حتَّى تَندَمِلَ اليَسارُ، فإنْ عَفَا؛


(١) في (م): لو خيره.
(٢) في (م): يقطع.
(٣) في (م): وقصاص.
(٤) في (ن): ثمنه.
(٥) في (م): واستيفاء.
(٦) في (م): قطع.
(٧) في (م): مستخلفان.