للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سواءٌ كان من حُدودِ الله؛ كالرَّجْم في الزِّنى، أوْ لِحَقِّ الآدَمِيِّ كالقِصاص، وأمَّا حُقوقُ الآدَمِيِّينَ؛ فتُستَوفَى كلُّها.

وإنْ كان القَتْلُ حَقًّا لله تعالى؛ اسْتُوفِيَت الحُقوقُ كلُّها مُتوالِيَةً؛ لأِنَّه لا بُدَّ من فَواتِ نَفْسِه، فلا فائدةَ في التَّأخير.

وإنْ كان القَتْلُ حقًّا لآِدَمِيٍّ؛ انتظرنا (١) باسْتِيفاءِ الثَّاني بُرْأَهُ من الأوَّل؛ لأِنَّ المُوالاةَ بَينَهما يَحتَمِلُ أنْ تُفَوِّتَ نَفْسَه قَبْلَ القِصاص، فيَفُوتُ حقُّ الآدَمِيِّ، ولأِنَّ العَفْوَ جائِزٌ، فيَحتَمِلُ بتأخِيرِه أنْ يَعْفُوَ الوليُّ فيَحْيَا.

الثالث: أنْ يَتَّفِقَ الحَقَّانِ في مَحَلٍّ واحِدٍ؛ كالقتل والقطع (٢) قصاصًا؛ قُدِّمَ القِصاصُ على الرَّجْم في الزِّنى، ويُبدَأُ بالأَسْبَقِ من القتل في المحارَبة والقِصاص؛ لأِنَّ كلًّا مِنهُما حقُّ آدَمِيٍّ، وإنْ سَبَقَ القِصاصُ؛ قُتِلَ قِصاصًا ولم يُصْلَبْ، كما لَوْ ماتَ، ويَجِبُ لوليِّ المقْتولِ في المحارَبة دِيَتُه.

وإنْ مات القاتِلُ في المحارَبة (٣)؛ وَجَبَت الدِّيَةُ في تَرِكَتِه، وقُدِّمَ القِصاصُ على الحدِّ المتمَحِّضِ في القَطْع، ولو تأخَّرَ سبَبُه، فإنْ عَفَا وليُّ الجِنايَة؛ اسْتُوفِيَ الحَدّ.

والقَطْعُ في المحارَبَة حَدٌّ مَحْضٌ، ولَيس بقِصاصٍ، والقَتْلُ يَتضمَّنُ القِصاصَ، ولهذا لو فاتَ القَتْلُ في المحارَبَة؛ وَجَبَت الدية (٤)، ولو فات القَطْعُ؛ لم يَجِبْ له بدل (٥).

(فَإِذَا (٦) زَنَى، وَشَرِبَ، وَقَذَفَ، وَقَطَعَ يَدًا؛ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوَّلاً)؛ لأِنَّه


(١) في (ن): انتظر.
(٢) في (م): كالقطع والقتل.
(٣) قوله: (في المحاربة) سقط من (م).
(٤) قوله: (في تركته وقدم القصاص على الحد المتمحض … ) إلى هنا سقط من (ن).
(٥) في (م): بدله.
(٦) في (ن): وإذا.