للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(سَوَاءٌ جَاؤُوا مُفْتَرِقِينَ (١)؛ أيْ: واحِدًا بَعْدَ آخَرَ؛ لِقِصَّةِ المُغِيرةِ، فإنَّهم جاؤوا مُفترِقين (٢)، وسُمِعَتْ شَهادَتُهم، وإنَّما حُدُّوا لِعَدَمِ كمالِها، وفي الحديثِ: أنَّ أبا بَكْرَةَ قال لعمر: «أرأيتَ (٣) لو جاءَ آخَرُ فَشَهِدَ؛ أكنتَ (٤) تَرجُمُه؟» فقال عمرُ: «إِي والذي نَفْسِي بِيَدِه» (٥)، ولأِنَّهم اجْتَمَعُوا في مَجْلِسٍ واحِدٍ، أشْبَهَ ما لو جاؤُوا (مُجْتَمِعِينَ (٦)، ولأِنَّ المجْلِسَ كلَّه بمَنزلةِ ابْتِدائه، ولهذا يُجزِئُ فيه القَبْضُ فِيما هو شَرْطٌ فيه.

(فَإِنْ (٧) جَاءَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْحَاكِمُ) من (٨) مَجْلِسِه؛ فهم قَذَفَةٌ؛ لأِنَّ شهادته (٩) غيرُ مَقْبولَةٍ ولا صحيحةٍ، أشْبَهَ ما لو لم يَشْهَدْ أَصْلاً، وعَلَيهم الحَدُّ.

(أَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَامْتَنَعَ الرَّابِعُ مِنَ الشَّهَادَةِ، أَوْ لَمْ يُكْمِلْهَا؛ فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَعَلَيْهِمُ الْحَدُّ) في قَولِ أكثرِ العلماء؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النُّور: ٤]، وهذا يُوجِبُ الحَدَّ على كلِّ رامٍ لم يَشهَدْ بما قاله أرْبَعَةٌ، ولأِنَّ عمرَ جَلَدَ أبا بَكْرَةَ وأصْحابَه، حَيثُ لم يُكمِل


(١) في (م) و (ن): متفرقين.
(٢) في (م): متفرقين.
(٣) في (ن): لو رأيت.
(٤) في (م): كنت.
(٥) قصة أبي بكرة مع المغيرة تقدم تخريجها ٩/ ٤٨٣ حاشية (٦)، ولم نقف عليه بهذا اللفظ مسندًا، وذكر ابن قدامة في المغني ٩/ ٩٩، أن الأثرم قد رواه بإسناده.
(٦) كذا في النسخ الخطية، والذي في نسخ المقنع الخطية: أو مجتمعين.
(٧) في (م): وإن.
(٨) في (ن): في.
(٩) في (م): شهادتهم.