للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حَنِيفَةَ: عَصِيرُ العِنَب إذا طُبِخَ وذهب (١) ثُلُثاه، ونَقِيعُ التَّمْر والزَّبِيب إذا طُبِخَ ولم يَذْهَبْ ثُلُثاهُ، ونَبِيذُ الحِنطة والشَّعير نَقِيعًا كان أوْ غَيرَه حلالٌ، إلاَّ ما بَلَغَ السُّكْرَ (٢).

وجَوابُه: ما رَوَتْ عائشةُ مرفوعًا: «ما أسْكَرَ الفَرَقُ مِنهُ؛ فملء (٣) الكفِّ منه حرامٌ» رواه أحمدُ، وسعيدٌ، وأبو داودَ، والتِّرمذِيُّ وحسَّنَه، وإسْنادُه ثِقاتٌ (٤).

وظاهِرُه: يقتضي (٥) أنَّ الحَشِيشةَ لا تُسكِرُ، لكِنْ قَولُه: «كلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» يَقتَضِي أنَّها تُسْكِرُ، قال في «الفَتاوَى المِصْرِيَّة»: (الحَشِيشَةُ المسكرة (٦) حرامٌ، وإنَّما (٧) توقَّفَ بعضُ الفُقهاء في الحدِّ؛ لأِنَّه ظَنَّ أنَّها تُغَطِّي العَقْلَ كالبَنْجِ، والصَّحيحُ أنَّها تُسْكِرُ، وإنَّما كانَتْ نَجِسَةً بخِلافِ البَنْج وجَوزَةِ الطِّيب؛ لأِنَّها تُسْكِرُ بالاِسْتِحالةِ، كالخمر يُسْكِرُ بالاِسْتِحالة، والبَنْجُ يُغَيِّبُ العَقْلَ ويسكر (٨)


(١) في (م): ذهب.
(٢) ينظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٦/ ٣٥٨، المبسوط ٢٤/ ١٩.
(٣) في (م): فمك.
(٤) أخرجه أحمد (٢٤٤٢٣)، وأبو داود (٣٦٨٧)، والترمذي (١٨٦٦)، وابن الجارود (٨٦١)، وابن حبان (٥٣٨٣)، من طريق أبي عثمان الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة مرفوعًا، وأبو عثمان الأنصاري قاضي مرو وثقه أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: (ثقة)، وتكلم فيه ابن القطان فقال: (وأبو عثمان هذا لا تعرف حاله وإن كان قاضيًا بمرو)، واختلف في رفعه ووقفه، ورجح الدارقطني وقفه، وصححه مرفوعًا ابن الجارود وابن حبان وابن الملقن. ينظر: بيان الوهم والإيهام ٤/ ٦٠٦، تنقيح التحقيق ٥/ ١٤، البدر المنير ٨/ ٧٠٣.
(٥) قوله: (يقتضي) سقط من (م).
(٦) قوله: (المسكرة) سقط من (م).
(٧) في (م): إنما.
(٨) في (م): والسكر.