للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّاسِ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ)؛ لأِنَّه تعدٍّ على الغَيرِ (١)، أشْبَهَ التي فيها القِصاصُ.

لا يُقال: القِياسُ يَقتَضِي مَشْروعِيَّةَ القِصاص في ذلك أيضًا، والتَّقديرُ خِلافُه؛ لأنَّه (٢) تعذَّر القِصاصُ لِمَعْنًى يختصُّ (٣) به، وهو لا يَمنَعُ من ثُبوتِ الحُرْمة؛ لأِنَّ الجِنايَةَ تَقتَضِي الإيجابَ مُطلَقًا، تُرِك (٤) العَمَلُ به لِمَا ذَكَرْنا، فيَبْقَى ما عَداهُ على مُقْتَضاهُ.

(وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَى)؛ بأنْ يَرْمِيَه بالكَذِبِ أوْ بالفِسْقِ.

فَعَلَى هذا: إنْ تَشاتَمَ اثْنانِ؛ عُزِّرا، ويَحتَمِلُ عَدَمَه، فَدَلَّ أنَّ ما رآه تعيَّن (٥)، فلا يُبطِلُه غَيرُه، وأنَّه يَتعَيَّنُ قَدْرُ تَعْزِير عينه.

(وَنَحْوِهِ)، رُوِيَ عن عليٍّ أنَّه سُئِلَ عن قَولِ الرجل (٦) لآِخَرَ: يا خَبِيثُ، قال (٧): «هو فاسِقٌ، فيه تعزيرٌ» (٨).

وهذا كلُّه مَعصِيَةٌ لله تعالى؛ لأِنَّه إمَّا جِنايَةٌ على الشَّرع، أو على آدَمِيٍّ،


(١) زاد في: (ظ) التي.
(٢) زيد في (ن): إذا.
(٣) في (ن): مختص.
(٤) في (ن): وكذا.
(٥) في (ن): يعين.
(٦) في (ن): النبي .
(٧) قوله: (قال) سقط من (م).
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٩٦٤)، عن شريك، عن عبد الملك بن عمير، قال: قال علي في قول الرجل للرجل: يا خبيث يا فاسق، قال: «هن فواحش، وفيهنَّ عقوبة، ولا تقولهنَّ فتعودهن» وأخرجه البيهقي في الكبرى (١٧١٥٠)، من طريق أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن شيخ من أهل الكوفة قال: سمعت عليًّا يقول: «إنكم سألتموني عن الرجل يقول للرجل: يا كافر، يا فاسق، يا حمار، وليس فيه حدٌّ، وإنما فيه عقوبة من السلطان، فلا تعودوا فتقولوا»، وحسنه الألباني. ينظر: الإرواء ٨/ ٥٤.