للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و «الشَّرح»، وقَتْلُه مُتحَتِّمٌ لا يَدخُلُه عَفْوٌ، بالإجماع (١).

والصَّلْبُ بَعْدَ القَتْلِ.

وقِيلَ: يُصلَبُ أوَّلاً، ثُمَّ يُقتَلُ.

والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأِنَّه تعالى قدَّمَ القَتْلَ على الصَّلْب؛ كقَولِه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البَقَرَة: ١٥٨]، ولقَولِه : «إذا قَتَلْتُم فأحْسِنُوا القِتْلَةَ» (٢)، ولأنَّه (٣) شُرِعَ رَدْعًا لغَيرِه؛ لِيَشْتَهِرَ أمْرُه، ولو شُرِعَ لِرَدْعه فَقَطْ؛ لَسَقَطَ بقَتْلِه كما تسقط (٤) سائرُ الحُدود مع القَتْل.

والصَّلْب حَتْمٌ في حقِّ مَنْ قَتَل وأَخَذَ المالَ، فلا يَسقُطُ بعَفْوٍ ولا غَيرِه، ويكُونُ حتَّى يَشْتَهِرَ، ذَكَرَه مُعْظَمُ الأَصْحاب؛ لأِنَّ المقْصودَ مِنْهُ زَجْرُ غَيرِه ولا يَحصُلُ إلاَّ به.

(وَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصْلَبُ قَدْرَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلْبِ)، اقْتَصَرَ ابنُ هُبَيرةَ على حكايته (٥) عن أحمدَ؛ لأِنَّ بذلك يَصْدُقُ اسْمُ الصَّلْبِ.

وقال ابنُ رَزِينٍ: يُصلَبُ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ. وهذا تَوقِيتٌ بغَيرِ تَوقِيفٍ، مع أنَّه في الظَّاهِر يُفْضِي إلى تَغَيُّره ونَتَنِهِ (٦).

(وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُقْطَعُ مَعَ ذَلِكَ)، اخْتارَهُ أبو محمَّدٍ الجْوزيُّ؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهُما يُوجِبُ حَدًّا مُفرَدًا، فإذا اجْتَمَعَا؛ وَجَبَ حدُّهما؛ كما لو زَنَى وسَرَقَ.


(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ١١٧، المغني ٩/ ١٤٧.
(٢) أخرجه مسلم (١٩٥٥)، من حديث شداد بن أوس .
(٣) في (م): وأنه.
(٤) في (م) و (ن): يسقط.
(٥) في (ن): حكاية.
(٦) في (م) و (ن): ونيته.