للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخِلافُ في (١) ظاهِرِ كلامِهم.

وقِيلَ: تُقبَلُ توبته (٢) بِبيِّنةٍ، وقِيلَ: وقَرِينةٍ.

وأمَّا الحَرْبِيُّ الكافِرُ؛ فلا يُؤخَذُ بشَيءٍ في كفره (٣) إجْماعًا (٤).

(وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ للهِ (٥) تَعَالَى سِوَى ذَلِكَ)؛ كالزِّنى، والسَّرِقة، وشُرْبِ الخمر؛ (فَتَابَ قَبْلَ إِقَامَتِهِ؛ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ)، ذَكَرَه أبو بكرٍ المذْهَبَ، وقاله أكثرُ العُلَماء؛ لِعُمومِ آيةِ الزَّاني والسَّارِق، ولأِنَّه رَجَمَ ماعِزًا والغامِدِيَّة، وقد جاءا تائبين (٦)، ولأِنَّ الحَدَّ كَفَّارةٌ، فلم يَسقُطْ بالتَّوبة؛ ككفَّارَةِ اليَمِينِ، ولأِنَّه مَقْدورٌ عَلَيهِ كالمُحارِب بَعْدَ القُدْرة عَلَيهِ.

(وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَسْقُطُ (٧) بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ)، نَصَرَه القاضي في «الخلاف» وصحَّحه، وقدَّمَه في «المحرَّر» و «الفروع»، وقال: اخْتارَه الأكْثَرُ، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾ [النِّسَاء: ١٦]، ولقوله: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ [المَائدة: ٣٩] وفي الخَبَرِ: «التَّائبُ مِنْ الذَّنْب كمَنْ لا ذَنْبَ له» (٨)، ولأِنَّه خالِصُ حقِّ اللهِ تعالى، فسَقَطَ بالتَّوبة كحَدِّ المُحارِبِ.


(١) في (م): من.
(٢) في (م): توبتهم.
(٣) قوله: (في كفره) سقط من (م).
(٤) ينظر: الإقناع في مسائل الإجماع ٢/ ٢٦٩.
(٥) في (م): الله.
(٦) في (ن): جاء بائنين. أخرج قصة ماعز البخاري (٦٨٢٥) من حديث أبي هريرة، ومسلم (١٦٩٥) من حديث بريدة ، وأخرج قصة الغامدية مسلم (١٦٩٥)، من حديث بريدة .
(٧) في (م): أنها تسقط.
(٨) أخرجه ابن ماجه (٤٢٥٠)، والطبراني في الأوسط (١٠٢٨١)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٥٦١)، من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه مرفوعًا. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن حمل الأئمة روايته على الاتصال، وحسنه بشواهده ابن حجر والألباني، وقال السخاوي: (رجال إسناده ثقات). ينظر: المقاصد الحسنة ص ٢٤٩، الضعيفة (٦١٥).