للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّاني: لا يَضْمَنُونَ؛ كالمسْلِمِينَ.

(وَإِنِ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَمَّنُوهُمْ)، أوْ عَقَدُوا لهم ذِمَّةً؛ (لَمْ يَصِحَّ أَمَانُهُمْ)؛ لأنَّ (١) الأَمانَ مِنْ شَرْطِ صِحّتِه: إلزام (٢) كفِّهم عن المسْلِمِينَ، ولأِهْلِ العَدْل قَتْلُهم لمَنْ لم (٣) يُؤمِّنوهُ.

وحُكْمُ أسِيرِهم؛ حُكْمُ أَسِيرِ أهلِ الحَرب قَبْلَ الاِسْتِعانَةِ بهم.

فأمَّا البُغاةُ؛ فلا يَجُوزُ لهم (٤) قَتْلُهم؛ لأِنَّهم أمَّنوهم (٥)، فلا يَجُوزُ لهم الغدر بهم، قال في «الفروع»: إلاَّ أنَّهم في أمانٍ بالنِّسْبة إلى بُغاةٍ.

أصلٌ: إذا اسْتَعانُوا بمُسْتأْمَنِينَ فأعانُوهُم؛ انْتَقَضَ عَهْدُهم، وصارُوا كأهْلِ الحَرْب؛ لأِنَّهم تَرَكُوا كفَّهم عن قِتالِ المسلمين، فإنْ فَعَلُوا ذلك مُكْرَهِينَ؛ لم يَنتَقِضْ عَهدُهم، وإنِ ادَّعَوه؛ لم يُقبَلْ إلاَّ بِبَيِّنةٍ؛ لأِنَّ الأصْلَ عَدَمُه.

(فَإِنْ (٦) أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ (٧) الْخَوَارِجِ)؛ مِثْلَ تكفيرِ مَنْ ارْتَكَبَ كبيرةً، وتَرْكِ الجَماعةِ، (وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ)، ولم يَخْرُجُوا عن قَبْضةِ الإمام، ولم يَسْفِكُوا دَمًا حرامًا، فحَكَى القاضِي عن أبي بكرٍ: أنَّه لا يَحِلُّ بذلك قَتْلُهم ولا قِتالُهم، ولهذا قال: (لَمْ (٨) يُتَعَرَّضْ لَهُمْ)، وهذا قَولُ جُمْهورِ الفُقَهاء؛ لِمَا رُوِيَ: أنَّ عليَّ بنَ أبي طالِبٍ كان يَخطُبُ، فقال رجلٌ ببابِ المسْجِدِ: لا حُكْمَ إلاَّ لله تعالى، فقال عليٌّ: «كَلِمَةُ حقٍّ أُرِيدَ بها باطِلٌ»، ثُمَّ قال: «لكُمْ عَلَينَا ثَلاثٌ:


(١) في (ن): ولأن.
(٢) في (م): صحة التزام.
(٣) قوله: (لم) سقط من (م).
(٤) قوله: (لهم) سقط من (م).
(٥) في (ن): أمنوه.
(٦) في (م): وإن.
(٧) في (م): زي.
(٨) في (م): ولم.