للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبدِ الله (١)، ولأِنَّ في قَبولِ تَوْبَتِه خَطَرًا؛ لأِنَّه لا سبيلَ إلى الثِّقة به، ولأِنَّ إبقاءَه يؤدي (٢) إلى السُّلْطة (٣) في الباطن على إفْسادِ عَقائِدِ المسلمين، وفيه ضَرَرٌ عظيمٌ.

فرعٌ: مَنْ أظْهرَ الخَيرَ وأبْطَنَ الفِسْقَ؛ فكالزِّنديق في تَوبَتِه في قِياسِ المذْهَب، ذَكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وحَمَلَ رِوايَةَ قَبولِ تَوبَةِ السَّاحِر على المتَظاهِرِ، وعَكْسُه بعكسه (٤).

وكذا مَنْ تَكرَّرَتْ رِدَّتُه؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧)[النِّسَاء: ١٣٧]، ولِمَا رَوَى الأثْرَمُ بإسْنادِه، عن ظَبْيانَ بنِ عُمارةَ: «أنَّ ابنَ مَسْعودٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ، فقال له (٥): إنَّه قد أُتِيَ بك مرَّةً، فَزَعَمْتَ أنَّك تُبْتَ، وأراك (٦) قد عُدْتَ، فَقَتَلَه» (٧).


(١) أخرجه الخلال في أحكام الملل (١٣٤٥)، عن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه بإسناده، من طريق إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس قال: «أتي عليٌّ بأناس من الزنادقة ارتدوا عن الإسلام، فسألهم فجحدوا، وقامت عليهم البينة العدول، قال: فقتلهم، ولم يستتبهم»، وإسناده لا بأس به، فيه: أبو إدريس وهو يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الأودي، قال أبو داود: (سئل أحمد كيف حديث أبي إدريس يزيد قال: هو من أصحاب علي)، ووثقه العجلي، وقال ابن حجر: (مقبول)، وبقية رواته ثقات. ينظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (٣٥٣)، الثقات للعجلي ٢/ ٣٧١.
(٢) قوله: (يؤدي) سقط من (م).
(٣) كذا في النسخ الخطية، وفي الممتع ٤/ ٣٤٧: تسلطه.
(٤) قوله: (وعكسه بعكسه) في (ن): وعليه قوله.
(٥) قوله: (له) سقط من (م).
(٦) في (م): ورآك.
(٧) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وأخرج عبد الرزاق (١٨٧٠٨)، وابن أبي شيبة (٣٢٧٤٢)، والنسائي في الكبرى (٨٦٢٢)، والبيهقي في الكبرى (١٦٨٨٦)، عن حارثة بن مضرب، قال: خرج رجل يطرق فرسًا له - يعني: يحمل عليها - فمر بمسجد بني حنيفة، وإمامهم يقرأ قراءة مسيلمة، فرفع ذلك إلى عبد الله - يعني ابن مسعود -، فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم، فاستتابهم، فتابوا إلا عبد الله بن النوَّاحة، وهو كان إمامهم، فقتل ابن النوَّاحة، فقال: سمعت رسول الله يقول: «لولا أنك رسول لضربت عنقك»، فأنت اليوم لست برسول، قم فاضرب عنقه، فقام إليه فضرب عنقه. وأخرجه أحمد (٣٦٤٢) مختصرًا، وإسناده صحيح.