للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١) : «لم أُومَرْ أنْ أُنَقِّبْ عن (٢) قلوب النَّاس» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٣)، ورجَّح هذا في «الشَّرح»، وأجابَ عن قَتْلِ ابنِ النَّواحَةِ (٤): بأنَّه إنَّما قتله (٥)؛ لظُهورِ كَذِبِه في تَوبَتِه؛ لأِنَّه أظْهَرَها، وما زال عمَّا كان عَلَيهِ من الكفر، ويَحتَمِلُ أنَّه قَتَلَه لغَيرِ ذلك.

وقال في رِوايَةِ أبي طالِبٍ: إنَّ أهْلَ المدينة يَقُولُونَ في الزِّنْدِيق: لا يُسْتَتابُ، قال أحمدُ: كنت (٦) أقولُ ذلك أيضًا، ثُمَّ هِبْته (٧)، قال القاضِي: وظاهِرُه أنَّه رَجَعَ.

فلو زَعَمَ أنَّ لله ولدًا؛ فقد سبَّ اللهَ، بدليلِ قَولِه ، إخبارًا عن ربِّه: «يَشْتُمُنِي ابنُ آدَمَ، وما يَنبَغِي له أنْ يَشْتُمُنِي، أمَّا شَتْمُه إيَّايَ: فَزَعَمَ أنَّ لي ولدًا» (٨)، ولا شَكَّ أنَّ تَوبَتَه مَقْبولةٌ بغَيرِ خِلافٍ (٩)، فإذا قُبِلَتْ تَوبَةُ مَنْ سَبَّ اللهَ تعالى؛ فَمَنْ سَبَّ نَبِيَّه أَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ.

والصَّحِيحُ الأُولَى؛ لأِنَّ أدِلَّتَها خاصَّةٌ، والثَّانِيَةِ عامَّةٌ، والخاصُّ مُقدَّمٌ على العامِّ.

فرعٌ: الخِلافُ في قَبولِ تَوبَتِهم إنَّما هو في الظَّاهِر في أحْكامِ الدُّنيا؛ مِنْ تَرْكِ قِتالِهم، وثُبوتِ أحْكامِ الإسلام في حقِّهم، وأمَّا قَبولُها في الباطن، فلا


(١) في (م): لقوله.
(٢) في (م): على.
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤)، من حديث أبي سعيد .
(٤) تقدم تخريجه ٩/ ٦٨٩ حاشية (٧) في أثر ابن مسعود .
(٥) في (م): قتل.
(٦) في (ن): ليت.
(٧) ينظر: أحكام أهل الملل ص ٤٦١.
(٨) قوله: (فقد سب الله، بدليل قوله … ) إلى هنا سقط من (م).
والحديث أخرجه البخاري (٣١٩٣)، من حديث أبي هريرة .
(٩) ينظر: الشرح الكبير ٢٧/ ١٣٨.