للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ مَضَرَّةٌ كالسُّمُوم، ثُمَّ مَثَّلَ ذلك بقَولِه: (مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ)، فهو بَيانٌ لِمَا يَحِلُّ أكْلُه مِمَّا جَمَعَ الصِّفاتِ المذْكورةَ، (وَغَيْرِهَا)؛ أيْ: غَيرِ الحُبوبِ والثِّمار، مِمَّا يَجْمَعُ الطُّعْمَ، والطَّهارةَ، وعَدَمَ المَضَرَّةِ، وقد سَأَلَه الشَّالَنْجِيُّ عَنْ المِسْكِ، يُجْعَلُ في الدَّواء ويَشْرَبُه؟ (١) قال: لا بَأْسَ به (٢).

(فَأَمَّا (٣) النَّجَاسَةُ؛ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ)؛ فمُحرَّمَةٌ؛ لقَولِه تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المَائدة: ٣]، ولأِنَّ أكْلَ المَيْتَةِ أقْبَحُ من الاِدِّهانِ بِدُهْنِها والاِسْتِصْباحِ، وهو حرامٌ، فلأن يَحرُمَ ما هُوَ أقْبَحُ منه بطَرِيقِ الأولى (٤)، (وَغَيْرِهِمَا)؛ أيْ: غَيرِ ذلك من النَّجاساتِ مُحرَّمٌ، فلأنه (٥) خبيثٌ، وقد حرَّمَ اللهُ أكْلَ الخَبِيثِ، وفي الخَبَرِ: أنَّ النَّبيَّ لمَّا سئل عن فَأْرَةٍ وَقَعَتْ في سَمْنٍ، فقال: «لا تَقْرَبُوهُ» (٦)، وفي الأَكْلِ قُرْبَانُهُ، وهو مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وهو يَقتَضِي التَّحريمَ.

(وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ؛ مِنَ السُّمُومِ وَنَحْوِهَا؛ فَمُحَرَّمَةٌ)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البَقَرَة: ١٩٥]، ولأِنَّ ذلك يَقتُلُ غالِبًا، فحَرُم (٧) أكْلُه لِإفْضائِه إلى الهَلاك، ولهذا (٨) عُدَّ مَنْ أَطْعَمَ السُّمَّ لِغَيرِه قاتِلاً.

وفي «الواضح»: المشْهُورُ أنَّ السَّمَّ نَجِسٌ، وفِيهِ احْتِمالٌ؛ «لأِكْلِه من الذِّراع المسْمُومةِ» (٩).


(١) في (م): ويشرب به.
(٢) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٦٧.
(٣) في (ن): وأما.
(٤) في (م): أولى.
(٥) في (ن): ولأنه.
(٦) أخرجه البخاري (٢٣٥)، من حديث ميمونة .
(٧) في (ن): فمحرم.
(٨) في (ظ) و (ن): وكذا.
(٩) أخرجه البخاري (٢٦١٧)، ومسلم (٢١٩٠).