للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَالْحَيَوَانَاتُ مُبَاحَةٌ)؛ لقِولِه تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾ [المَائدة: ١]، ولِعُمومِ النُّصوص الدَّالَّةِ على الإباحةِ.

(إِلاَّ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ)؛ فإنَّها مُحرَّمةٌ في قَولِ أكثرِ العلماء، قال أحمدُ: (خمسةٌ وعِشْرونَ مِنْ أصْحابِ النبي كَرِهُوهَا) (١)، قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (لا خِلافَ في تَحريمِها) (٢)، وسَنَدُه حديثُ جابِرٍ: «أنَّ النَّبيَّ نَهَى يَومَ خَيبرَ عن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وأَذِنَ في لُحُومِ الخَيلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٣).

وعن ابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ أنَّهما قالا بظاهِرِ قَولِه تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا … (١٤٥)﴾ الآية [الأنعَام: ١٤٥] (٤).

وأجاب (٥) في «الخِلافِ»: بأنَّ مَعْناهُ: قل لا أَجِدُ فِيمَا نَزَلَ من القُرْآنِ،


(١) ينظر: الشرح الكبير ٢٧/ ١٩٧. والذي في شرح الزركشي ٦/ ٧٦٣: (وقال أحمد: خمسة عشر من أصحاب رسول الله : كرهوها).
(٢) ينظر: التمهيد ١٠/ ١٢٣.
(٣) أخرجه البخاري (٤٢١٩)، ومسلم (١٩٤١).
(٤) أثر ابن عباس : أخرجه عبد الله بن أحمد في العلل (٢١٧٧)، من طريق هشيم، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد قال: سألت البحر - يعني ابن عباس عن لحوم الحمر الأهلية قال: فتلا هذه الآية: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ إلى آخر الآية. وهو منقطع قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: (لم يسمعه هشيم من عمرو).
وأخرجه البخاري (٥٥٢٩)، من طريق سفيان، قال عمرو: قلت لجابر بن زيد: يزعمون «أن رسول الله نهى عن حمر الأهلية؟» فقال: قد كان يقول ذاك الحكم بن عمرو الغفاري، عندنا بالبصرة ولكن أبى ذاك البحر ابن عباس، وقرأ:. ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾
وأثر عائشة : لعل مراده ما أخرجه ابن أبي شيبة (١٩٨٧٥)، والطبري في التفسير (٩/ ٦٣٥) عن القاسم قال: كانت عائشة إذا سئلت عن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، قالت: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ ثم تقول: «إن البومة ليكون فيها الصقرة». وأخرجه الطبري (٩/ ٦٣٥)، بلفظ: «أنها كانت لا ترى بلحوم السباع بأسًا، والحمرة والدم يكونان على القدر بأسًا»، وإسناده صحيح.
(٥) في (م): أجاب.