للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثَّانيةُ: لا يَجُوز؛ لِمَا رَوَى ابنُ عمرَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا يَحتَلِبَنَّ أحدٌ ماشِيَةَ أحَدٍ إلاَّ بإذْنِه» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (١)، وحَمَلَها في «الرِّعايَة» على ما إذا لم يكن لها حائِطٌ أوْ حافِظٌ.

وهذا إذا لم يكُنْ مُضْطَرًّا، فإنْ كان كذلك؛ جاز مطلَقًا، ويُقدِّمُه على الميتة؛ لأِنَّه مُختَلَفٌ فيه، فهو أسْهَلُ.

(وَيَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ ضِيَافَةُ المُسْلِمِ المُجْتَازِ بِهِ)، قال أحمدُ: الضِّيافَةُ على المسْلِمِينَ، كلُّ مَنْ نَزَلَ به ضَيفٌ كان عَلَيهِ أنْ يُضيفَه (٢)؛ لِمَا رَوَى المقْدادُ بنُ كَرِيمَةَ (٣): أنَّ النَّبيَّ قال: «ليلةُ الضَّيف واجِبَةٌ على كلِّ مُسْلِمٍ، فإنْ أصْبَحَ بفِنائه محرومًا كان دَينًا عَلَيهِ إنْ شاءَ اقتضاه (٤)، وإنْ شاءَ تَرَكَ» رواه سعيدٌ وأبو داودَ، وإسْنادُه ثِقاتٌ، وصحَّحَه في «الشَّرح»، ورَوَى أحمدُ وأبو داودَ: «فإنْ لم يَقْرُوه فله أنْ يُعْقِبَهم بمِثْلِ قِرَاه» (٥)، وفي حديثِ عُقْبَةَ: «فإنْ لم يَفْعَلُوا؛ فلهم حقُّ الضَّيفِ الذِي يَنبَغِي لَهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٦).

وظاهِرُه: أنَّ ضِيافَةَ الكافِر لا تَجِبُ، وهو كذلك، بل في روايةٍ: وتَجِبُ لذِمِّيٍّ، نَقَلَه الجماعةُ (٧)، واخْتارَه في «المغْنِي» و «الشَّرح»؛ لأِنَّ الضِّيافَةَ كصَدَقَةِ التَّطوُّع.


(١) أخرجه البخاري (٢٤٣٥)، ومسلم (١٧٢٦).
(٢) ينظر: زاد المسافر ٤/ ٧٤.
(٣) كذا في النسخ الخطية، وصوابه المقدام أبو كريمة كما في مصادر التخريج.
(٤) في (م): قضاه.
(٥) أخرجه أحمد (١٧١٧٢)، وأبو داود (٣٨٠٤)، وابن ماجه (٣٦٧٧)، بسند صحيح من حديث المقدام بن معدي كرب وكنيته أبو كريمة، ومن قال: عن المقداد أبي كريمة الشامي فقد أخطأ كما قال أبو زرعة وابو حاتم، ولم نقف عليه عند سعيد بن منصور. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٥/ ٦٢٤، الصحيحة (٢٨٧٠).
(٦) أخرجه البخاري (٦١٣٧)، ومسلم (١٧٢٧).
(٧) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٨٥.