للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«التَّبصرة»، كَوَبَرٍ، وصُوفٍ، وما يُسمَّى كُسْوةً، ولو عَتِيقًا لم تَذهَبْ قوته، فإذا ذَهَبَتْ مَنفَعَتُه باللُّبْس؛ فلا يَجُوزُ؛ كالحَبِّ المَعِيبِ.

(وَلِلْمَرْأَةِ: دِرْعٌ وَخِمَارٌ)؛ لِأنَّ ما دُونَ ذلك لا يُجْزِئُ لابِسَه في الصَّلاة، ويُسمَّى عُرْيانًا شَرْعًا، فَوَجَبَ أنْ لا يُجزِئَ.

وقال أكثرُ العلماء: يتقدَّر (١) ذلك بأقلِّ ما يَقَعُ عليه (٢) الاِسْمُ.

وجَوابُه: أنَّ الكُسْوةَ أحَدُ أنْواعِ الكَفَّارة، فلم يَجُز (٣) فيها ما يَقَعُ عَلَيهِ الاِسْمُ؛ كالإطْعامِ والإعْتاقِ، ولأِنَّ التَّكْفِيرَ عِبادةٌ يُعتَبَرُ فيها الكُسْوةُ، أشْبَهَت الصَّلاةَ.

ونَصَّ على الدِّرع والخِمار، كالخِرَقِيِّ وغَيرِه؛ لِأنَّ السِّتْرَ غالِبًا لا يَحصُلُ إلَّا بذلك، وإلَّا فلَوْ أعْطاها ثَوبًا واسِعًا يَسْتُرُ بَدَنَها ورَأْسَها؛ أجْزَأَ ذلك؛ إناطَةً بستر (٤) عَورَتِها في الصَّلاة.

(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ)؛ أيْ: إذا عَجَزَ عن العتق، والإطْعام، والكُسْوة؛ (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)؛ للآية، (مُتَتَابِعَاتٍ (٥)؛ أيْ: بلا عُذْرٍ في ظاهِرِ المذْهَب، وقدَّمه في «المحرَّر» و «الفروع»، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لقراءةِ أُبَيٍّ وابنِ مَسْعودٍ: (فصِيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ مُتَتابِعاتٍ) حَكاهُ أحمدُ (٦)، ورواهُ الأثْرَمُ (٧)، فالظَّاهِرُ أنَّهما


(١) في (م): يقدر.
(٢) قوله: (عليه) مكانه بياض في (م).
(٣) في (م): فلم يجزئ.
(٤) في (م) و (ن): لستر.
(٥) في (ن): متتابعة.
(٦) ينظر: مسائل ابن منصور ٥/ ٢٤٥٢، مسائل ابن هانئ ٢/ ٧٥.
(٧) أثر أبيّ بن كعب : أخرجه الطبري في التفسير (٨/ ٦٥٢)، والحاكم (٣٠٩١)، وسنده ضعيف؛ فيه أبو جعفر الرازي، عيسى بن أبي عيسى، صدوق سيئ الحفظ، يهم كثيرًا، ومع هذا فالأثر صححه الحاكم والذهبي، وقوّاه ابن حجر.
وأثر ابن مسعود : أخرجه عبد الرزاق (١٦١٠٣)، وهو مرسل منقطع كما قاله البيهقي وغيره. ينظر: السنن الكبرى للبيهقي ١٠/ ١٠٣، الإرواء ٨/ ٢٠٣.