للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ لَا يَحْنَثَ)، وهو وَجْهٌ؛ لِأنَّه اسْتَخْدَمَه، والسُّكوتُ لا يَدُلُّ على الرِّضا، ولهذا (١): يَملِكُ الَّذي شُقَّ ثَوبُهُ مُطالَبةُ الَّذي شَقَّه (٢).

وقِيلَ: إنْ كان عَبدَه؛ حَنِثَ؛ لِأنَّ عَبدَه يَخدُمُه عادةً، فمَعْنَى يمينِه: لأمنعنَّك (٣) خِدْمَتِي، فإذا لم يَنْهَهُ، ولم يَمنَعْه؛ فإنَّه يَحنَثُ، بخِلافِ عَبْدِ غَيرِه.

وقال أبو الخَطَّاب: يَحنَثُ فِيهِما، واقْتَصَرَ عَلَيهِ ابنُ هُبَيرَةَ.

(وَإِنْ حَلَفَ: لَيَشْرَبَنَّ المَاءَ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا، فَتَلِفَ المَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَدِ؛ حَنِثَ عِنْدَ (٤) الْخِرَقِيِّ (٥)، نَصَرَه في «الشَّرح»، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وصحَّحه ابنُ المنَجَّى، وقدَّمه في «الفروع»؛ كما لو حَلَفَ: لَيَحُجَّنَّ العامَ، فلم يَقدِرْ على الحجِّ لمَرَضٍ، أوْ ذَهابِ نَفَقَةٍ؛ لِأنَّ الامْتِناعَ لمَعْنًى في المحلِّ (٦)، أشْبَهَ ما لو تَرَكَ ضَرْبَ العَبْد لِصِغَرٍ به (٧)، أوْ تَرَكَ الحالِفُ الحجَّ لِصُعوبَةِ الطَّريق، ويَحنَثُ عَقيبَ تَلَفِهما، نَصَّ عَلَيهِ (٨)، وقدَّمه في «المحرَّر» و «الرَّعاية»، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وقِيلَ: في آخِرِ الغَدِ.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ لَا يَحْنَثَ)، وقالَهُ الأكْثَرُ؛ لِأنَّه تَعذَّرَ فِعْلُ المحْلُوفِ عَلَيهِ لا مِنْ جِهَتِه، أشْبَهَ المكرَه.

أمَّا لو تَلِفَ المحْلُوفُ عَلَيهِ بفِعْله واخْتِيارِه؛ فإنَّه يَحنَثُ وَجْهًا واحِدًا، قال


(١) في (ن) فلهذا.
(٢) أي: فيما لو شقّ رجل ثوب رجل وهو ساكت، فإن سكوته لا يدل على رضاه، فيملك مطالبته. ينظر: الممتع ٤/ ٤٨٣.
(٣) في (م): لأمنعك، وفي (ن): لا منعتك.
(٤) في (م): قبل.
(٥) كتب في هامش (ن): (وهو المذهب).
(٦) في (ن): المحمل.
(٧) في (ن): لصعوبته.
(٨) ينظر: مسائل صالح ٢/ ٣٢٣، زاد المسافر ٤/ ٤٨٠.