للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العَدالةَ أمْرٌ خَفِيٌّ، سَبَبُها الخَوفُ من الله تعالَى، ودليلُ ذلك الإسْلامُ، فإذا وُجِدَ؛ فَلْيُكْتَفَ (١) به، ما لم يَقُمْ دليلٌ على خِلافِه.

فَعَلَى هذه: (إِنْ جُهِلَ إِسْلَامُهُ؛ رُجِعَ إِلَى أَقْوَالِهِ (٢)؛ لِأنَّه إنْ لم يكُنْ مُسلِمًا؛ صار مُسلِمًا بالاِعْتِراف.

ولا يَكفِي ظاهِرُ الدَّار، ذَكَرَه الأصْحابُ.

وفي جَهْلِ حُرِّيَّتِه المعتَبَرةِ وَجْهانِ:

أحدُهما: لا بُدَّ مِنْ معرفةِ ذلك، جَزَمَ به في «الشَّرح».

وفي «عُيونِ المسائل»: إنْ مَنَعُوا عدالةَ العَبْد؛ فيُمنَعُ بقَوله : «يَحمِلُ هذا العلمَ مِنْ كلِّ خَلَفٍ عُدولُه» (٣)، وهم مِنْ حُمَّال العلم والحديث والفَتْوَى، فهُمْ عُدُولٌ بقَولِ المصْطَفَى .

(وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ)، وقَولُهم: (إنَّ ظاهِرَ المسْلِم العدالةُ)؛ ممنوعٌ، بل الظَّاهِرُ عَكْسُ ذلك، وقَولُ عمرَ مُعارَضٌ بما رُوِيَ عنه: أنَّه أُتِيَ بشاهِدَينِ، فقال لهما: «لَسْتُ أعْرِفُكما، ولا يَضُرُّكما إنْ لم أعْرِفْكُما» (٤)، ولأنَّ الأعرابيَّ


(١) في (م): فليكتب.
(٢) في (ظ) و (م): إسلامه.
(٣) رُوي الحديث متصلاً عن جماعة من الصحابة: علي بن أبي طالب وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر بن سمرة وأبي أمامة ، وكلها ضعيفة، وبعضها واهية، وأجودها ما أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ١٧)، وابن عديٍّ (١/ ٢١١)، وغيرهما عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، مرسلاً. وقد ضعفه غير واحد، وصححه أحمد، وقواه بطرقه ابن القيم. ينظر: تاريخ دمشق ٧/ ٣٩، بيان الوهم ٢/ ٣٤٧، طريق الهجرتين (ص ٣٥٤).
(٤) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير (٣/ ٤٥٤)، والخطيب في الكفاية (ص ٨٣)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٤٠٠)، من طرق الفضل بن زياد، حدثنا شيبان، عن الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرَشَة بن الحُرِّ، عن عمر في قصة. وسنده قوي، رجاله ثقات، غير الفضل بن زياد، وهو الطسّاس، وقد وثقه أبو زرعة، فقال: (شيخ ثقة)، ووثقه الخطيب، وقال العقيلي: (فيه نظر، لا يُعرف إلا بهذا - يعني أثر عمر -)، وصححه ابن السكن والألباني. ينظر: الجرح والتعديل ٧/ ٦٢، تاريخ بغداد ١٤/ ٣٢٤، ميزان الاعتدال ٣/ ٣٥١، البدر المنير ٩/ ٦٠٩، لسان الميزان ٦/ ٢٤٠، الإرواء ٨/ ٢٦١.