للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للتَّرغِيب في السَّتْر، وهذا يُخالِفُ ما جَزَمَ به في آخَرِ «الرِّعاية» مِنْ وُجوبِ الإغْضاءِ عمَّنْ سَتَرَ المعصية، وهو ظاهِرُ كَلامِ الخَلاَّل.

قال في «الفروع»: ويَتوَجَّهُ فِيمَنْ عُرِفَ بالشرِّ (١) والفَسادِ: لا يُستَرُ عَلَيهِ.

(وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُمْ بِالْوُقُوفِ عَنْهَا، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ)، قدَّمه في «المحرَّر»، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لقولِ عمرَ في قِصَّةِ المُغِيرةِ لَمَّا شَهِدَ عَلَيهِ ثلاثةٌ وجاء الرَّابِعُ: ما تَقُولُ يا سلح العقاب (٢)، وكالتَّعريضِ (٣) للفاعِلِ بالرُّجوع عن إقْرارِه، وفي «الانتصار»: تَلْقِينُه الرُّجوعَ مَشروعٌ.

والثَّانِي: لَا؛ كحقِّ آدَمِيٍّ.

فرعٌ: إذا دعا (٤) زَوجٌ أربعةً لِتحَمُّلِها بِزِنَى امْرأَتِه؛ جَازَ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ … (١٥)﴾ الآية [النِّسَاء: ١٥]. وقِيلَ: لا؛ كغيره، أوْ لِإسْقاطِ الحَدِّ.


(١) في (م): بالشرب.
(٢) في (ظ): الغراب. قال في المصباح المنير ١/ ٢٨٤: (سلح الطائر سلحًا، من باب نفع، وهو منه كالتغوط من الإنسان). وفي المغني ٩/ ٧٢: (قول عمر: يا سلح العقاب، معناه: أنه يشبه سلح العقاب، الذي يحرق كل شيء أصابه، وكذلك هذا، توقع العقوبة بأحد الفريقين لا محالة، إن كملت شهادته حُدَّ المشهود عليه، وإن لم تكمل، حُدَّ أصحابه).
والأثر: أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (٦١٣٤) من طرق عن السريِّ بن يحيى قال: حدثنا عبد الكريم بن رشيد عن أبي عثمان النهدي قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فشهد على المغيرة بن شعبة ، فتغيّر لون عمر، ثمّ جاء آخر فشهد فتغيّر لون عمر، ثمّ جاء آخر فشهد فتغيّر لون عمر حتى عرفنا ذلك فيه، وأنكر لذلك. وجاء آخر يحرِّك بيديه فقال: «ما عندك يا سلح العقاب؟». وصاح أبو عثمان صيحةً تُشبَّه بها صيحةُ عمر حتى كربتُ أن يُغشى عليَّ. قال: رأيت أمرًا قبيحًا قال: «الحمد لله الذي لم يُشمِت الشيطان بأمة محمَّد» فأمر بأولئك النفر فجلدوا. وسنده صحيح كما قاله الشيخ الألباني. ينظر: الإرواء ٨/ ٢٨.
(٣) في (ظ) و (ن): وكالتعرض.
(٤) في (ن): ادعى.