للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صِحَّتِها وُجودُ أعمالٍ صالحةٍ؛ لِظاهِرِ الآية: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [الفُرقان: ٧٠].

فرعٌ: إذا علَّقَ تَوبَتَه بشَرطٍ؛ فإنَّه غَيرُ تائبٍ حالاً، ولا عِنْدَ وُجودِه.

(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ اَلْقَاذِفِ (١)؛ أيْ: تَسقُطُ شَهادَتُه بالقذف إذا لم يُحقِّقْه؛ لِلآية، والمرادُ بالقاذِفِ: المردودُ الشَّهادة، وهو (٢) الَّذي لم يأتِ بما يحقِّق (٣) قَذْفَه؛ كالزَّوج يَقذِفُ زَوجَتَه ويَتحَقَّقُ عدمه (٤) بالبيِّنة أو اللِّعان، وكالأجنبيِّ يَقذِفُ أجنبيَّةً ويَتحقَّقُ قَذْفُه بالبيِّنة، فهذا لا تُرَدُّ شهادتُه.

(حَتَّى يَتُوبَ)، فتُقبَلُ شَهادتُه، سواءٌ حُدَّ أوْ لا، جَزَمَ به الأصْحابُ، وبه قال أكثرُهم، وكسائرِ الذُّنوب، بَلْ هذا أَوْلَى، ولِقَولِ عمرَ لِأبِي ذرٍّ (٥): «إنْ تُبْتَ قَبِلْتُ شَهادَتَكَ» رواهُ أحمدُ وغَيرُه (٦)، واحْتَجُّوا به مع اتِّفاقِ المسْلِمِينَ على الرِّواية عن أبي بَكْرَةَ، مع أنَّ عُمَرَ لم يَقبَلْ شهادتَه؛ لِعَدَمِ تَوبَتِه مِنْ ذلك، ولم يُنكر (٧) ذلك.

قال في «الفروع»: وهذا فيه نَظَرٌ؛ لِأنَّ الآيةَ إنْ تَنَاوَلَتْهُ؛ لم تُقبَلْ رِوَايَتُه لِفِسْقِه، وإلَّا قُبِلَتْ شهادتُه؛ كرِوايَتِه؛ لِوُجودِ المقْتَضِي وانْتِفاءِ المانِعِ.


(١) في (ظ) و (م): قاذف.
(٢) في (م): هو.
(٣) في (ن): تحقق.
(٤) في (م): قذفه.
(٥) في (م): ذكر. وصوابه كما في المصادر: أبو بكرة.
(٦) لم نجده عند أحمد، وقد أخرجه البخاري - قبل حديث (٢٦٤٨) معلقًا مجزومًا به، ووصله الشافعي في مسنده - ترتيب سنجر (١٧٠٣)، والطبري في تفسيره (١٧/ ١٦٣)، والطحاوي في شرح المشكل (١٢/ ٣٥٩)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٥٤٥)، من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكرة: «إن تبتَ قبلتُ شهادتك»، يعني في قذفه المغيرة بن شعبة. وهذا مرسل، ومراسيل ابن المسيب عن عمر محمولة على الاتصال.
(٧) في (ن): ولم تنكر.