للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: قصدُ الأبعدِ أفضلُ، جزم به في «الوجيز»، وقدَّمه في «المحرَّر» و «الفروع»؛ لما روى أبو موسى مرفوعًا: «إنَّ أعظمَ النَّاسِ في (١) الصَّلاةِ أجرًا؛ أبعدُهم فأبعدهم (٢) مَمْشًى» رواه مسلمٌ (٣)، ولكثرة حسناته بكثرة خُطاه.

والثَّانية: قصدُ الأقربِ؛ لما تقدَّم، ولأنَّ له جِوارًا؛ فكان أحقَّ بصلاته؛ كما أنَّ الجار أحقُّ بمعروف جاره، وكما لو تعلَّقت الجماعة بحضوره.

وقيل: يقدَّمان على الأكثر جمعًا.

مسألة: تُقدَّم الجماعةُ مطلقًا على أوَّل الوقت، ذكروه في كتب الخلاف.

وهل فضيلةُ أوَّلِ الوقت أفضل، أم انتظار كثرة الجمع؟ فيه وجهان.

(وَلَا يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ إِمَامِهِ الرَّاتِبِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، قال أحمدُ: ليس لهم ذلك (٤)، وصرَّح في «الكافي» و «المستوعب» و «المحرَّر» و «الفروع»: بأنَّها تَحرُم؛ لأنَّه بمنزلة صاحب البيت، وهو أحقُّ بها؛ لقوله : «لا يَؤُمَّنَّ الرَّجلُ الرَّجلَ في بيْته إلاَّ بإذنه» (٥)، ولأنَّه يؤدِّي إلى التَّنفير عنه، وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدُّم، ومع الإذن هو نائب عنه.

وحيث قلنا: بأنَّه يحرم؛ فظاهره: أنَّها لا تصحُّ، وفي «الرِّعاية»: تصحُّ مع الكراهة.

ويُستثنَى منه: ما إذا كان سلطانًا؛ فإنَّه أحقُّ من إمام المسجد.


(١) قوله: (في) سقط من (و).
(٢) قوله: (فأبعدهم) سقط من (أ).
(٣) أخرجه البخاري (٦٥١)، ومسلم (٦٦٢).
(٤) ينظر: الفروع ٢/ ٤٢٥.
(٥) أخرجه مسلم (٦٧٣)، بلفظ: «ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه»، وأخرجه أبو داود (٥٨٢) بلفظ المصنف.