تَنَصَّف المَهْرُ بينَهما، فإن عفا الزَّوْجُ لها عن النِّصْفِ الذى له، كَمَل لها الصَّداقُ جَمِيعُه، وإن عفَتِ المرأةُ عن النِّصْفِ الذى لها منه، وتَرَكَتْ له جميعَ الصَّداقِ، جازَ، إذا كان العَافِى منهما رَشِيدًا جائِزَ الأمْرِ في مالِه، فإن كان صغِيرًا أو سَفِيهًا، لم يَصِحَّ عَفْوُه؛ لأنَّه ليس له التَّصَرُّفُ في مالِه بهِبَةٍ ولا إسْقَاطٍ. ولا يَصِحُّ عَفْوُ الوَلِىِّ عن صَداقِ (١) الزَّوْجَةِ، أبًا كان أو غيرَه، صغيرةً كانت أو كبيرةً. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايةِ الجماعةِ. وروَى عنه ابنُ مَنْصورٍ: إذا طَلَّقَ امرَأةً (١) وهى بِكْرٌ، قبلَ أنَّ يَدْخُلَ بها، فعَفا أبُوها أو زَوْجُها، ما أرَى عَفْوَ الأبِ إلَّا جائِزًا. قال أبو حَفْصٍ: ما أرَى ما (١) نقَلَه ابنُ مَنْصورٍ إلَّا قَوْلًا لأبى عبدِ اللَّهِ قدِيمًا. فظاهِرُ قولِ أبى حَفْص أنَّ المسْأَلَةَ رِوايَةٌ واحدةٌ، وأنَّ أبا عبدِ اللَّهِ رَجَع عن قَوْلِه بجَوازِ عَفْوِ الأبِ. وهو الصَّحِيحُ؛ لأَنَّ مَذْهَبَه أن لا يَجوزَ للأبِ إسْقاطُ دُيُونِ وَلَدِه الصَّغيرِ، ولا إعْتاقُ عَبِيدِه، ولا تَصَرُّفُه لهم إلَّا بما فيه مَصْلَحَتُهم، ولا حَظَّ لها في هذا الإِسْقاطِ، فلا يَصِحُّ. وإن قُلْنا برِوايةِ ابنِ مَنْصورٍ، لم يَصِحَّ إلَّا بخَمْسِ شَرائِطَ؛ أحدُها، أنَّ يكونَ أبًا؛ لأنَّه الذى يلِى مالَها،