للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نعم. فرَدَّتْ عليه، وأمرَه ففارَقَها. وفى رِوايةٍ، فقال له: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْها تَطْلِيقَةً» (١). ولأَنَّ حاجتَها داعيةٌ إلى فُرْقَتِه، ولا تَصِلُ إليها إلَّا ببَذْلِ العِوَضِ، فأُبِيحَ لها ذلك، كشِرَاءِ المتاعِ. وبهذا قال جميعُ الفُقَهاءِ بالشَّامِ والحِجازِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (٢): لا نعلمُ أحدًا خالفَه، إلَّا بكرَ (٣) بنَ عبدِ اللَّهِ المُزَنِىَّ، فإنَّه لم يُجِزْه، وزَعَم أنَّ آيةَ الخُلْعِ مَنْسُوخَةٌ بقولِه سبحانه: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} (٤) الآية. ورُوِىَ عن ابنِ سِيرِينَ وأبى قِلَابَةَ أنَّه لا يَحِلُّ الخُلْعُ حَتى يَجِدَ على بَطْنِها رَجُلًا؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٥). ولَنا، الآيةُ التى تلوناها والخبرُ، ولأنَّه قولُ عمرَ، وعثمانَ، وعلى، وغيرِهم مِنَ الصَّحابةِ، ولم يُعْرَفْ لهم في عَصْرِهم مُخالِفٌ، فيكونُ إجْماعًا، ودَعْوَى النَّسْخِ لا تُسْمَعُ حتَّى يَثْبُتَ تعَذُّرُ الجَمْعِ وأنَّ الآيةَ النَّاسخةَ مُتَأخِّرَةٌ، ولم يَثْبُتْ شىئٌ مِن ذلك. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُسَمَّى خُلْعًا؛ لأَنَّ المرأةَ تَنْخَلِعُ مِن لباسِ زَوْجِها، قال اللَّهُ تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لهُنَّ} (٦).


(١) عند البخارى ٧/ ٦٠. والنسائى ٦/ ١٣٩.
(٢) انظر: الاستذكار ١٧/ ١٧٥، والتمهيد ٢٣/ ٣٧٥.
(٣) في الأصل: «بكير».
(٤) سورة النساء ٢٠.
(٥) سورة النساء ١٩.
(٦) سورة البقرة ١٨٧.