للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إحداهما، ليس بإكْراهٍ؛ لأَنَّ الذى وَرَدَ الشَّرْعُ بالرُّخْصَةِ معه هو ما وردَ في حديثِ عمَّارٍ، وفيه: «إنَّهُمْ أخَذُوكَ فَغَطُّوْكَ فِى الْمَاءِ». فلا يَثْبُتُ الحُكمُ إلَّا فيما كان مثلَه. والثانيةُ، أنَّ الوَعيدَ بمُفْرَدِه إكْراهٌ. قال في رِوايةِ ابنِ مَنْصورٍ: حَدُّ الإِكْراهِ إذا خافَ القَتْلَ أو ضَرْبًا شديدًا. وهذا قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، والشافعىُّ؛ لأَنَّ الإِكْراهَ لا يكونُ إلَّا بالوَعيدِ، فإنَّ الماضِىَ مِن العُقُوبَةِ لا يَنْدَفِعُ بفِعْلِ ما أُكْرِهَ عليه، ولا يَخْشَى مِن وُقُوعِه، وإنَّما أُبِيحَ له فِعْلُ المُكْرَهِ عليه دَفْعًا لِما يُتَوعَّدُ به مِنَ العُقُوبةِ فيما بعدُ، وهو في الموْضِعَيْن واحدٌ، ولأنَّه متى تُوُعِّدَ بالقَتْلِ وعَلِمَ أنَّه يَقْتُلُه، فلم يُبَحْ له الفِعْلُ (١)، أفْضَى إلى قَتْلِه، وإفضائِه بيَدِه إلى التَّهلُكَةِ، ولا يُفيدُ ثُبُوتُ الرُّخْصَةِ بالإِكْراهِ شيئًا؛ لأنَّه إذا طَلَّقَ في هذه الحالِ، وقعَ طَلاقُه، فيَصِلُ المُكْرِهُ إلى مُرادِه، ويَقعُ الضَّرَرُ بالمُكْرَهِ، وثُبُوتُ الإِكْراهِ في حَقِّ مَن نِيلَ بشئٍ مَن العَذابِ لا يَنْفِى ثُبوتَه في حَقِّ


(١) في م: «فعل ما».