للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُفَرِّقَ الحاكِمُ بَينَهما. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وقولُ أصْحابِ الرَّأْي؛ لقولِ ابنِ عباسٍ في حدِيثِه: ففَرَّقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَينهما (١). وهذا يَقْتَضِي أنَّ الفُرْقَةَ لم تَحْصُلْ قبلَه. وفي حَديثِ عُوَيمِرٍ (٢)، قال: كَذَبْتُ عليها يارسولَ اللهِ إِن أمْسَكْتُها. فطَلَّقَها ثَلاثًا قبلَ أن يَأمُرَه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا يَقْتَضِي إمْكانَ إمْساكِها، وأنَّه وَقَعَ طَلاقُه، ولو كانتِ الفُرْقَةُ وَقَعَتْ قبل ذلك، لَما وَقَعَ طَلاقُه، ولا أمْكَنَه إمْساكُها. ولأن سَبَبَ هذه الفُرْقَةِ يَتَوَقَّفُ على الحاكِمِ، فالفُرْقَةُ المتعلِّقةُ به لا تَقَعُ إلا بحُكْمِ حاكم، كفُرْقَةِ العُنَّةِ. وعلى كِلْتا الرِّوايَتَينِ، لا تَحْصُلُ الفُرْقَةُ قبلَ تَمامِ لِعَانِهما. وقال الشافعيُّ: تَحْصُلُ الفُرْقَةُ بلِعانِ الزَّوْجِ وحدَه، وإن لم تَلْتَعِنِ (٣) المرأةُ؛ لأنَّها فُرْقَة حاصِلَةٌ بالقولِ، فتَحْصُلُ بقولِ الزَّوْجِ وحدَه، كالطَّلاقِ. قال شيخُنا (٤): ولا نَعْلَمُ أحَدًا وافَقَ الشافعيَّ على هذا القولِ. وحُكِيَ عن البَتِّيِّ أنَّه لا يَتَعَلَّقُ باللِّعانِ فُرْقَةٌ؛ لِما رُوِيَ أنَّ العَجْلانِي لمَّا لاعَنَ امرأتَه طَلَّقَها ثَلَاثًا، فأنْفَذَه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٥). ولو وقَعَتِ الفُرْقَةُ، لَما نَفَذَ طَلَاقُه.


(١) تقدم تخريجه في ٢٢/ ١٧٩.
(٢) أخرج هذا اللفظ أبو داود، في الموضع السابق ١/ ٥٢٤. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٩.
(٣) في الأصل: «تتلعن». وفي م: «تتيقن».
(٤) في المغني ١١/ ١٤٥.
(٥) أخرجه أبو داود، في: باب في اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٢١.