للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّه سَوَّى بينَ النَّفَقةِ والكُسْوَةِ على قَدْرِ حالِها، فكذلك النَّفَقةُ، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ ووَلَدَكِ بالْمَعْرُوفِ». فاعْتَبَرَ كِفايَتَها دُونَ حالِ زَوْجِها، ولأنَّ نَفَقَتَها واجِبَةٌ لدَفْعِ حاجَتِها، فكان الاعْتِبارُ بما تَنْدَفِعُ به حاجَتُها، دُونَ حالِ مَنْ وجَبَتْ عليه، كنَفَقَةِ المَمالِيكِ، ولأنَّه واجِبٌ للمرأةِ على زَوْجِها بحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ لم يُقَدَّرْ، فكان مُعْتَبَرًا بها، كَمَهْرِها. وقال الشافعيُّ: الاعْتِبارُ بحالِ الزَّوْجِ وحدَه؛ لقولِ اللهِ تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧]. ولَنا، أنَّ فيما ذكَرْناه جَمْعًا بينَ الدَّلِيلَين، وعَمَلًا بكِلا النَّصَّين، ورِعايَةً لِكِلا الجَانِبَين، فكان أَوْلَى.

فصل: والنَّفَقةُ مُقَدَّرَةٌ بالكِفايَةِ، وتَخْتَلِفُ باخْتِلافِ مَن تَجِبُ له النَّفَقةُ في مِقْدارِها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ. وقال القاضي: هي مُقَدَّرَةٌ بمِقْدارٍ لا يَخْتَلِفُ في الكَثْرَةِ والقِلَّةِ، والواجِبُ رَطْلان مِن الخُبْزِ في كلِّ يَوْمٍ، في حَقِّ المُوسِرِ والمُعْسِرِ، اعْتِبارًا بالكَفَّاراتِ، وإنَّما يَخْتَلِفانِ في صِفَتِه وجَوْدَتِه؛ لأنَّ المُوسِرَ والمُعْسِرَ سَواءٌ في قَدْرِ المأْكُولِ، ومَا تَقُومُ به البِنْيَةُ، وإنَّما يَخْتَلِفانِ في جَوْدَتِه، فكذلك النَّفَقةُ الواجِبَةُ. وقال الشافعيُّ: نَفَقةُ المُقْتِرِ مُدٌّ بمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ أقَلَّ ما يُدْفَعُ في الكَفَّارَةِ مُدٌّ، واللهُ سُبْحانه اعْتَبَرَ الكَفَّارَةَ بالنَّفَقةِ على الأهْلِ، فقال