للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سبحانه: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (١). وعلى المُوسِرِ مُدَّان؛ لأنَّ أكثرَ ما أوْجَبَ اللهُ سبحانه للواحدِ مُدَّينِ في فِدْيَةِ الأذَى، وعلى المُتَوَسِّطِ مُدٌّ ونِصْفٌ، نِصْفُ نَفَقةِ الفَقِيرِ ونِصْفُ نَفَقةِ المُوسِرِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لهِنْدٍ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». فأمَرَها بأَخْذِ ما يَكْفِيها مِن غيرِ تَقْدِيرٍ، ورَدَّ الاجْتِهادَ في ذلك إليها، ومِن المَعْلُومِ أنَّ قَدْرَ كِفايَتِها لا يَنْحَصِرُ في المُدَّين، بحيثُ لا يَزِيدُ عنهما (٢) ولا يَنْقُصُ، ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣]. وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَلَهُنَّ عَلَيكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ». وإيجابُ أقَلَّ مِن الكِفايَةِ مِن الرِّزْقِ تَرْكٌ للمَعْرُوفِ، وإيجابُ قَدْرِ الكِفايَةِ، وإن كان أقَلَّ مِن مُدٍّ أو رَطْلَيْ خُبْزٍ، إنْفاقٌ بالمَعْرُوفِ، فيكونُ ذلك واجِبًا بالكِتابِ والسُّنَّةِ. واعْتِبارُ النَّفَقةِ بالكَفَّارَةِ في القَدْرِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الكفَّارَةَ لا تَخْتَلِفُ باليَسارِ والإِعْسارِ، ولا هي مُقَدَّرَةٌ بالكِفايَةِ، وإنَّما اعْتَبَرَها الشَّرْعُ بها (٣) في الجنْسِ دُونَ القَدْرِ، ولهذا لا يَجِبُ فيها الأُدْمُ (٤).

فصل: ولا يجبُ فيها الحَبُّ. وقال الشافعيُّ: يجبُ فيها الحَبُّ، اعْتِبارًا بالإِيجابِ في الكَفَّارَةِ حتى لو دَفَعَ إليها دَقِيقًا أو سَويقًا أو خُبْزًا، لم


(١) سورة المائدة ٨٩.
(٢) في الأصل: «عليهما»، وفي ق: «عنها».
(٣) في تش: «لها».
(٤) الأدم: ما يستمرأ به الطعام.