هو القِياسُ، وإنَّما ذهَب مَن ذهَب إلى إيجابِ الثُّلُثِ؛ لقَضِيَّةِ عُثمانَ؛ لأنَّها في مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، ولم يُنْقَلْ خِلافُها، فيكونُ إجْماعًا، ولأَنَّ قَضاءَ الصَّحابِىِّ فيما يُخالِفُ القِياسَ يدُلُّ على أنَّه تَوْقِيفٌ. وسواءٌ كان الحَدَثُ ببَوْلٍ أو غائِطٍ أو ريحٍ. قالَه (١) القاضى. وكذلك الحُكْمُ فيما إذا أفْزَعَه حتى أحْدَثَ. والأُولَى إن شاءَ اللَّهُ التَّفْرِيقُ بينَ الرِّيحِ وغيرِها، إن كان قَضاءُ عُثمانَ في الغائطِ والبَوْلِ؛ لأَنَّ ذلك أفْحَشُ، فلا يُقاسُ عليه.
فصل: إذا أكْرَهَ رَجُلًا على قَتْلِ إنسانٍ فقَتَلَه، فصارَ الأمْرُ إلى الدِّيَةِ، فهى عليهما؛ لأنَّهما كالشَّرِيكَيْنِ. ولو أَكْرَهَ رَجُلٌ امرأةً على الزِّنَى، فحمَلَتْ، وماتتْ مِن الولادةِ، ضَمِنَها؛ لأنَّها ماتت بسَبَبِ فِعْلِه، وتَحْمِلُه العاقِلَةُ، إلَّا أن لا يَثْبُتَ ذلك إلَّا باعْتِرافِه، فتكونُ الدِّيَةُ عليه؛ لأَنَّ العاقِلَةَ لا تحْمِلُ اعْتِرافًا، ولذلك إن شهِد شاهِدانِ على رَجُلٍ بقَتْلٍ عَمْدٍ، فقُتِلَ، ثم رَجَعَا عنِ الشَّهادةِ، لَزِمَهُما الضَّمانُ، كالشَّريكَيْنِ في الفِعْلِ، ويكونُ الضَّمانُ في مالِهِما، لا تَحْمِلُه العاقِلَةُ؛ لأنَّها لا تَحْمِلُ الاعْتِرافَ، وهذا ثبَت باعْتِرافِهِما.