للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن لا يَأْتِىَ ببَيِّنَةٍ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}. الآية. ولذلك يُشْتَرَطُ عَدَمُ إقْرار المَقْذُوفِ؛ لأنَّه في معنى البَيِّنَةِ. وإن كان القاذِفُ زَوْجًا، اعْتُبِرَ شَرْط آخَرُ، وهو امْتِناعُه مِن اللِّعانِ. ولا نعلمُ في هذا كلِّه خِلافًا. ويُعْتَبَرُ اسْتِدَامَةُ الطَّلَبِ إلى إقامةِ الحَدِّ، فلو طَلَب ثم عَفَا عن الحَدِّ، سَقَط. وبهذا قال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الحسنُ، وأصحابُ الرَّأْى: لا يَسْقُطُ بعَفْوِه؛ لأنَّه حَد، فلم يَسْقُطْ بالعَفْوِ، كسائرِ الحُدودِ. ولَنا، أنَّه حَقٌّ (١) لا يُسْتَوْفَى إلَّا بعدَ مُطالَبَةِ الآدَمِىِّ باسْتِيفائِه، فسَقَط بعَفْوِه، كالقِصاصِ، وفارَقَ سائرَ الحُدُودِ، فإنَّه لا (٢) يُعْتَبَرُ في إقامَتِها الطَّلَبُ باسْتيفائِها، فأمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ، فإنَّما يُعْتَبَرُ فيه المُطالبةُ بالمَسْرُوقِ، لا باسْتِيفاءِ الحَدِّ، ولأنَّهم قالوا: تَصِحُّ دَعْواه، ويُسْتَحْلَف فيه، ويَحْكُمُ الحاكمُ فيه بعِلْمِه، ولا يُقْبَلُ رُجوعُه عنه بعدَ الاعْترافِ. فدَلَّ على أنَّه حَقٌّ لآدَمِىٍّ.

فصل: وإذا قُلْنا بوُجوبِ الحَدِّ بقَذْفِ مَن لم يَبْلُغْ، لم تَجُزْ إقامَتُهْ حتى يَبْلُغَ ويطالِبَ به بعدَ بُلوغِه؛ لأَنَّ مُطَالَبَتَه قبلَ البُلوغِ لا تُوجِبُ الحَدَّ؛ لعَدَمِ اعْتِبارِ كَلامِه، وليس لوَلِيِّه المُطالبَةُ عنه؛ لأنَّه حَقٌّ شُرِعَ للتَّشَفِّى، فلم يَقُمْ غيرُه مَقَامَه في اسْتِيفائِه، كالقِصاصِ، فإذا بلَغ وطالب، أُقِيمَ حينَئِذٍ. ولو قذَف غائبًا لم يُقَمْ عليه الحَدُّ (٢) حتى يَقْدَمَ ويُطالِبَ، إلَّا أن


(١) في م: «حد».
(٢) سقط من: الأصل، تش.