يَثْبُتَ أنَّه طالَب في غَيْبَتِه. ويَحْتَمِلُ أن لا تجوزَ إقامتُه في غَيْبَتِه بحالٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يَعْفُوَ بعدَ المُطالبةِ، فيكونُ ذلك شُبْهَةً في دَرْءِ الحَدِّ؛ لكَوْنِه يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ. ولو جُنَّ المَقْذُوفُ بعدَ قَذْفِه، وقبلَ طَلَبِه، لم تَجُزْ إقامتُه حتى يُفِيقَ ويُطالِبَ، وكذلك إن أُغْمِىَ عليه، فإن كان قد طالَب به قبلَ جُنونِه وإغْمائِه، جازت إقامَتُه، كما لو وَكَّلَ في اسْتِيفاءِ القِصاصِ، ثم جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه قبلَ اسْتِيفائِه.
فصل: وإذا قَذَف ولدَه، لم يَجبْ عليه الحَدُّ، وإن نَزَل، سَواءٌ كان القاذِفُ رجُلًا أو امرأةً. وبهذا قال الحسنُ، وعَطاءٌ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيز، ومالكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: عليه الحَدُّ؛ لعُمُومِ الآيةِ، ولأنَّه حَدٌ، فلا تَمْنَعُ مِن وُجُوبِه قَرابَةُ الوِلادَة، كالزِّنَى. ولَنا، أنَّه عُقوبة تجبُ حقًّا لآدَمِىٍّ، فلا تجبُ للوَلَدِ على الوالَدِ، كالقِصاصِ، أو نقولُ: إنَّه حَقٌّ لا يُسْتَوْفَى إلَّا بالمُطالَبَةِ باسْتِيفائِه، فأشْبَهَ القِصاصَ. ولأَنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ،