وقالوا: ليس لنا دِينٌ إلَّا الإِسلامُ. فقَتَلَهم، ولم يَسْتَتِبْهم، ثم قال: أتَدْرُونَ لمَ اسْتَتَبْتُ النَّصْرانِيَّ؛ اسْتَتَبْتُه؛ لأنَّه أظْهَرَ دِينَه، فأمَّا الزَّنادِقَةُ الذين قامتْ عليهم البَيِّنَةُ، فإنَّما قَتَلْتُهم؛ لأنَّهم جَحَدُوا، وقد قامتْ عليهم البَيِّنَةُ (١). ولأنَّه قد ثَبَت كُفْرُه، فلم يُحْكَمْ بإسلامِه بدونِ الشَّهادَتَين، كالكافرِ الأصْلِيِّ، ولأنَّ إنْكارَه تَكْذِيب للبَيِّنَةِ، فلم يُسْمَعْ، كسائرِ الدَّعَاوَى. فأمَّا إذا أقَرَّ بالكُفْرِ ثم أنكرَ، فيَحْتَمِلُ أنَّ القولَ فيه كمسألتِنا، وإن سَلَّمْنا، فالفرقُ بينَهما أنَّ الحَدَّ وَجَب بقولِه، فقُبِلَ رُجُوعُه عنه، وما ثَبَت بالبَيِّنَةِ لم يَثْبُتْ بقولِه، فلا يُقْبَلُ رُجُوعُه عنه، كالزِّنَى والسَّرِقَةِ.
(١) أخرج نحوه عبد الرزاق، في: باب في الكفر بعد الإِيمان، من كتاب اللقطة. المصنف. ١٠/ ١٧٠.