للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٣٤٧ ظ] وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ، إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ.

ــ

شَهادَتِه. واسْتَدَلَّ ابنُ المُنْذِرِ بأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - أشارَ وهو جالِسٌ (١) إلى الناسِ وهم قيامٌ: «أنِ اجْلِسُوا». فَجَلَسُوا (٢). ولَنا، أنَّها شهَادةٌ بالإشارَةِ، فلم تَجُزْ، كإشارَةِ النّاطقِ؛ لأنَّ الشهادةَ يُعْتَبَرُ فيها اليَقِينُ، ولذلك لا يُكْتَفَى بإيماءِ النّاطِقِ، ولا يَحْصُلُ اليَقِينُ بالإشارةِ، وإنَّما اكْتُفِىَ بإشارَته في أحْكامِه المُخْتَصَّةِ به للضَّرُورَةِ، ولا ضَرُورةَ ههُنا. وما اسْتَدَلَّ به ابنُ المُنْذِرِ لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - كان قادِرًا على الكَلامَ، وعُمِلَ بإشارَتِه في (٣) الصلاةِ. ولو شهِدَ النَّاطِقُ بالإشارةِ والإيماءِ، لم تَصِحَّ شَهادَتُه (٤) إجْماعًا، فعُلِمَ أنَّ الشهادةَ تُفارِقُ غيرَها مِنَ الأحْكامِ (ويَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فيما طَرِيقُه الرُّؤْيَةُ، إذا فُهِمَت إشَارتُه) لأنَّ إشارَتَه بمَنْزِلَةِ نُطْقِه، كما في سائرِ أحْكامِه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّا إنَّما قَبِلْنا إشارَتَه فيما يَخْتَصُّ به للضَّرُورَةِ، ولا ضَرُورةَ ههُنا.


(١) أى في الصلاة.
(٢) تقدم تخريجه في ٣/ ٤١٦.
(٣) في م: «إلى».
(٤) في الأصل: «إشارته».