للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا قولُ أبى حنيفةَ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ: تُقْبَلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لقولِه: في كُلِّ شئٍ إلَّا في الحُدودِ؛ لأنَّه حَقُّ آدَمِى، لا يَسْقُطُ بالرُّجوعِ عن الإِقْرارِ به، ولا يُسْتَحَبُّ سَتْرُه، فأشْبَهَ الأمْوالَ. وذكرَ أصْحابُنا هذا رِوايةً [عن أحمدَ؛ لأنَّ ابنَ منصورٍ نَقَلَ أنَّ سُفْيانَ قال: شهادةُ رجلٍ مكانَ رجلٍ في الطَّلاقِ جائِزةٌ. قال أحمدُ: ما أحْسَنَ ما قال. فجَعَلَه أصْحابُنا رِوايَةً في القِصاصِ] (١). وليس هذا بِرِوايَةٍ؛ فإنَّ الطَّلاقَ لا يُشْبِهُ القِصاصَ. والمذهبُ أنَّها لا تُقْبَلُ فيه؛ لأنَّه عُقُوبَة بَدَنِيَّة (٢)، تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وتُبْنَى على الإسْقاطِ، فأشْبَهَتِ الحُدودَ، فأمَّا ما عَدا الحُدودَ والقِصاصَ والأموالَ، كالنِّكاحِ والطَّلاقِ وسائرِ ما لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن، فنَصَّ أحمدُ على قَبُولِها في الطَّلاقِ والحُقوقِ، فدَلَّ على قَبُولِها في جميعِ هذه الحُقوقِ. وهو قولُ الخِرَقِىِّ. وقال ابنُ حامدٍ: لا تُقْبَلُ في النِّكاحِ. ونحوُه قولُ أبى بَكرٍ. فعلَى قولِهما، لا تُقْبَلُ إلَّا في المالِ، وما يُقْصَدُ به المالُ. وهو قولُ أبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّه حَقٌّ لا يثْبُتُ إلَّا بشَاهِدَيْن، فأشْبَهَ حَدَّ القَذْفِ. ووَجْهُ الأوّلِ، أنَّه حَقٌّ لا يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، فيَثْبُتُ بالشَّهادةِ على الشَّهادةِ، كالمالِ، وبهذا فارَقَ الحُدودَ.


(١) في ق، م: «في الطلاق».
(٢) في م: «فيه».