للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كسائرِ الأبدالِ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على أخْبارِ الدِّياناتِ؛ لأنَّه خُفِّفَ فيها، ولذلك (١) لا يُعْتَبَرُ فيها العدَدُ، ولا الذكورِيَّةُ، ولا الحُريَّةُ، ولا اللَّفْظُ، والحاجَةُ داعِيَةٌ إليها في حَقِّ عُمومِ الناسِ، بخِلافِ مَسْألَتِنا. ولَنا على قَبُولِها عندَ تَعذُّرِها بغيرِ الموْتِ، أنَّه قد تَعذَّرَتْ شَهادةُ الأصْلِ، فتُقْبَلُ شَهادةُ الفَرْعِ, كما لو ماتَ شاهِدا (٢) الأصْلِ، ويُخالِفُ الحاضِرَيْن؛ فإنَّ سَماعَ شَهادَتِهما مُمْكِن، فلم يَجُزْ غيرُ ذلك. إذا ثَبَت هذا، فذكرَ القاضى أن الغَيْبَةَ المُشْترَطةَ لسَماعِ شَهادَةِ (٣) الفَرْعِ، أن يكونَ شاهدُ الأصْل بمَوْضِعٍ لا يُمْكِنُه أن يَشْهَدَ ثم يَرْجِعَ مِن يَوْمِه. وهذا قالَه أبو يوسف، وأبو حامِدٍ مِن أصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّ الشَّاهِدَ تَشُقُّ عليه المُطالَبَةُ بمِثْلِ هذا السَّفَرِ، وقد قال الله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (٤). وإذا لم يُكَلَّفِ الحُضورَ، تَعذّرَ سَماعُ شَهادتِه، فاحْتِيجَ إلى سَماعِ شَهادَةِ الفَرْعِ. وقال أبو الخَطَّابِ: تُعْتَبَرُ مَسافةُ القَصْرِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأبى الطّيِّبِ الطَّبرِىِّ، مع اخْتِلافِهم في


(١) في ق، م: «وكذلك».
(٢) في ق، م: «شاهد».
(٣) في م: «شهاد».
(٤) سورة البقرة ٢٨٢.