للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملةُ ذلك، أنَّ الشُّهودَ إذا رَجَعُوا عن شَهادَتِهم بعدَ أدائِها، لم تَخْلُ مِن ثَلاثةِ أحْوالٍ؛ أحدُها، أن يَرْجعُوا قبلَ الحُكْمِ بها، فلا يجوزُ الحكمُ بها، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن أبى ثَوْرٍ، أنَّه شَدَّ عن أهلِ العلمِ، وقال: يُحْكَمُ بها؛ لأنَّ الشَّهادةَ قد أُدِّيَتْ، فلا تَبْطُلُ برُجوعِ مَن شَهِدَ بها، كما لو رَجَعا بعدَ الحُكْمِ. وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ الشَّهادَةَ شَرْطُ الحُكْمِ، فإذا زَالَتْ قبلَه، لم يَجُزْ، كما لو فَسَقا، ولأنَّ رُجوعَهما يَظْهَرُ به كَذِبُهما، فلم يَجُزْ به الحكمُ، كما لو شَهِدَا (١) بقَتْلِ رجلٍ، ثم عَلِمَ حَياتَه، ولأنَّه زالَ ظَنُّه في أنَّ ما شُهِدَ به حَقٌّ، فلم يَجُزْ لَه (٢) الحُكْمُ به، كما لو تَغَيَّرَ اجْتِهادُه. وفارَقَ [ما بعدَ] (٣) الحكمِ، فإنَّه تَمَّ بشَرْطِه، ولأنَّ الشَّكَّ لا ئزيلُ ما حُكِمَ به، كما لو تَغَيَّرَ اجْتِهادُه. الحالُ الثانى، أن يَرْجِعا بعدَ الحُكْمِ وقبلَ الاسْتِيفاءِ؛ فإن كان المحكومُ به عُقوبَةً، كالحدِّ والقِصاصِ، لم يَجُزِ


(١) في ق، م: «شهد».
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل.