للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اسْتِيفاؤُه؛ لأنَّ الحُدودَ تُدْرَأْ بالشُّبُهاتِ، [ورُجوعُهما مِن أعْظمِ الشُّبُهاتِ] (١)، ولأنَّ المحكومَ به عُقوبَةٌ لم يَبْقَ ظَنُّ اسْتِحْقاتِها، ولا سبيلَ إلى جَبْرِها (٢)، فلم يَجُزِ اسْتِيفاؤُهَا، كما لو رَجَعا قبلَ الحُكْمِ. وإن كان المحكومُ به مالًا، اسْتُوفىَ، ولم يُنْقَضِ الحكمُ، وقد ذكَرْناه. وفارَقَ المالُ القِصاصَ والحدَّ، فإنَّه يُمْكِنُ جَبْرُه، بإلْزامِ الشاهِدِ عِوَضَه، والحَدُّ والقِصاصُ لا يُجْبَرُ بإيجابِ مِثْلِه على الشَّاهِدَيْن؛ لأنَّ ذلك ليس بِجَبْرٍ، ولا يَحْصُلُ لمَن وَجَب له منه عِوَضٌ، وإنَّما شُرِعَ للزَّجْرِ والتَّشَفِّى والانْتِقامِ، لا للجَبْرِ. فإن قِيلَ: فلِمَ قُلْتُم: إنَّه إذا حُكِمَ بالقِصاصِ، ثم فَسَقَ الشَّاهِدُ، اسْتُوفِىَ فِى أحَدِ الوَجْهَيْن. قُلْنا: الرُّجوعُ أعْظَمُ في الشُّبْهَةِ مِن طَرَيانِ الفِسْقِ؛ لأنَّهما يُقِرَّان أنَّ شَهادتَهما زُورٌ، وأنَّهما كانا فاسِقَيْن حين شَهِدَا، وحينَ حَكَم الحاكمُ بشَهادَتِهما، وهذا الذى طَرَأَ فِسْقُه لا يتحَقَّقُ كونُ شَهادتِه كَذِبًا، ولا أنَّه كان فاسِقًا حينَ أدَّى الشَّهادةَ،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في ق، م: «خبرها».